الفنان التشكيلي عبد العزيز اجريري: مسار فني متميز يجمع بين التشكيل والخط المغربي

القضية بريس16 فبراير 2025آخر تحديث : منذ 3 أيام
القضية بريس
فن وثقافة
الفنان التشكيلي عبد العزيز اجريري: مسار فني متميز يجمع بين التشكيل والخط المغربي
عبد المجيد راشيدي

في عالم يتسابق فيه الفنانون لإثبات بصمتهم، يبرز الفنان التشكيلي والخطاط عبد العزيز اجريري كمبدع يحمل رؤية فريدة تجمع بين التشكيل والخط العربي، في تزاوج فني يروي قصة شغف بدأ منذ الطفولة واستمر حتى أصبح علامة فارقة في المشهد الفني المغربي.

 

لم تكن بداية اجريري عادية، بل حملت في طياتها تحديات كبيرة، إذ انقطع عن الدراسة في سن مبكرة، لكنه لم يسمح لهذا الواقع بأن يكون عائقا أمام شغفه، كان الفن ملاذه، ووجد في الألوان والخطوط وسيلة للتعبير عما تعجز عنه الكلمات، هذا الشغف الفطري لم يمر دون أن يلفت أنظار المهتمين، حيث اكتشفه أعضاء جمعيتي “الفعل للتربية والثقافة” و”بني مطير”، مما شكل نقطة تحول في مسيرته، وفي عام 2004، تلقى دعوة للمشاركة في الأسبوع الثقافي بـ 90 لوحة ورقية تجمع بين التشكيل والخط العربي، وهو حدث كان بمثابة انطلاقة جديدة، إذ أدرك حينها أن ما يقدمه يتجاوز كونه مجرد هواية، بل هو فن يحمل بعدا جماليا ورسالة ثقافية، خلال هذا الحدث، التقى بالناقد والصحفي التشكيلي سعيد العفاسي، الذي كان لدعمه وتشجيعه أثر بالغ في تطوير مسيرته.

 

لم يكن الفنان عبد العزيز اجريري فنانا تقليديا، بل تجاوزت أعماله الحدود المحلية، لتصل إلى المحافل الوطنية والدولية، حيث شارك في معارض وملتقيات فنية داخل المغرب وخارجه، وقدم أكثر من 84 لوحة مزجت بين التشكيل والخط العربي بأسلوب متفرد، هذا الإبداع حصد تقديرا واسعا، إذ حصل على المرتبة الثالثة في مسابقة “العالم الغربي والعربي” التي نظمتها وزارة الثقافة الأردنية عام 2020، إضافة إلى أكثر من 36 شهادة مشاركة في فعاليات فنية مختلفة.

 

لم تتوقف إبداعات عبد العزيز اجريري عند اللوحات، بل امتدت إلى عالم الأدب، حيث صمم غلاف ديوان الشاعر مصطفى نجي وردي، وساهم في إعداد لوحات فنية لمجموعات قصصية، أبرزها “عنزة العم حمودان” للأديب محمد مهداوي، والتي ترجمت إلى الفرنسية، كما كانت له مساهمات أدبية، حيث نشرت مجلة برشلونة الأدبية قصيدة شعرية له بعنوان مهاجر قاصر، وقصة قصيرة بعنوان شيخات القيطون وظلال الماضي، مما يعكس تنوع موهبته وقدرته على التعبير بعدة أشكال فنية.

 

يؤمن عبد العزيز اجريري بأن الفن ليس مجرد ترف بصري، بل هو رسالة ثقافية تعكس هوية الإنسان والمجتمع، لذلك عمل على إبراز جمالية الخط الأمازيغي والمغربي في أعماله، وحرص على مزج التشكيل بالخط بأسلوب يجمع بين الأصالة والابتكار، لم يقتصر تأثيره على اللوحات الفنية فقط، بل امتد إلى المجال التربوي من خلال إعداد جداريات تعليمية وخرائط في عدة مؤسسات تعليمية بإقليم الحاجب والعاصمة الرباط، انطلاقا من إيمانه بدور الفن في نشر المعرفة وتعزيز الهوية البصرية.

 

في عام 2023، خطا اجريري خطوة مهمة في مشواره من خلال تأسيس وإدارة الملتقى التشكيلي الوطني الأول لمدينة عين تاوجطات، وهو حدث يسعى إلى خلق فضاء للإبداع والتبادل الثقافي بين الفنانين، ورغم كل ما حققه، فإن طموحه لا يتوقف، إذ يواصل العمل على ترسيخ مكانة الفن المغربي، وجعل الخط الأمازيغي عنصرا أساسيا في المشهد التشكيلي العالمي.

 

بين الألوان والحروف، يواصل الفنان عبد العزيز اجريري رحلته الفنية، واضعا بصمته الخاصة في عالم التشكيل والخط، ليؤكد أن الفن ليس مجرد ممارسة، بل هو شغف ورسالة وهوية تمتد عبر الأجيال.

الاخبار العاجلة