يُعد الحكام أحد العناصر الرئيسة في الرياضات الجماعية وحتى الفردية، ولا يمكن إجراء منافسة أو بطولة إلا بوجودهم. تكمن أهمية هذه الوظيفة في القرارات التي يتخذها الحكم وتأثيرها على سير المباراة ونتيجتها النهائية، والتي قد تغير مسار لقب من فريق لآخر.
وتعتبر كرة القدم إحدى الرياضات التي تستوجب وجود حكم لإدارتها، ويعرف تاريخ هذه اللعبة قرارات تحكيمية غيرت مجريات لقاءات كثيرة.
شهدت المستديرة، خاصة في الآونة الأخيرة، اقتحام العنصر النسوي، سواء كممارسة أو تحكيم، وهذا الأخير أضحى في المغرب يعرف تطوراً ملحوظاً، حتى باتت النساء يقدن مباريات حاسمة في بطولة القسم الأول المغربي.
في حوارنا لهذا اليوم نستضيف الحكمة زكية الكريني لتحدثنا عن مسارها في مجال التحكيم منذ البداية وصولاً إلى الاحترافية.
سنبدأ معكِ بالسؤال المعتاد، كيف تعرفين نفسكِ للجمهور؟ وكيف بدأتِ في مجال التحكيم الرياضي؟
زكية الگريني: “أنا حكامة دولية في كرة القدم بعصبة سوس، وأستاذة التربية البدنية والرياضية بالسلك الثانوي التأهيلي. بالنسبة لمساري الرياضي، بدأ منذ المرحلة الابتدائية، بحكم البطولة المدرسية. كنت في البداية أمارس العدو الريفي، وفي مرحلتي الإعدادية اخترت الانتقال إلى الرياضات الجماعية، وبالتحديد كرة السلة وكرة اليد. عندما بدأت دراستي الجامعية، التحقت بشعبة الحقوق القانونية الخاصة، وانضممت إلى فريق جامعة ابن زهر، والفريق الجامعي لكرة الرجبي، ومع المنتخب الوطني للرجبي لمدة أربع سنوات، بالإضافة إلى ممارستي لكرة الطائرة. بالنسبة لمجال التحكيم، ولجته منذ سنة 2009، كحكمة تلميذة بعصبة سوس، تحت إشراف الحكم الدولي رضوان جيد، حتى أصبحت حكمة دولية في سنة 2022.”
حبكِ لكرة القدم هو الذي دفعكِ للاستقرار على التحكيم؟
زكية الگريني: “بدأت قصتي مع التحكيم بحكم عشقي لكرة القدم. كنت ألعب مع أبناء الحي، لكن بحكم الدراسة، وجدت معارضة من قبل عائلتي، حرصاً منهما على إتمام دراستي. بعد ذلك، وجدت أن مجال التحكيم يمكن أن يجمع بين الدراسة وكرة القدم، فاخترت التحكيم، ووجدت فيما بعد تشجيعاً من العائلة، خاصة من والدتي التي كانت دائماً ما تستشعر الفخر من عينيها.”
نعرف أن كل مجال يوجد فيه من صعوبات بقدر ما فيه من الحوافز، فما هي الصعوبات التي واجهتها زكية في بدايتها المهنية؟
زكية الكريني: “لا يمكن الحديث عن أي مجال بدون صعوبات. انطلاقاً من تجربتي في البداية، لم أصادف صعوبات جمة، لكن العائق الأكبر كان عقلية بعض الأشخاص الذين يرون أن مجال التحكيم الرياضي هو للرجال فقط. في بعض الأحيان، نواجه انتقادات عن لباسنا أو الحجاب الذي نرتديه أثناء قيادة المباريات. لكن هذا لم يعد يؤثر فينا، لأن لدينا مناعة مكتسبة من مثل هذه الأشياء.”
كيف يمكنكِ التوفيق بين الحياة المهنية كأستاذة للتربية البدنية أولاً ثم حكمة وحياتكِ الشخصية، خاصة في ظل البرمجة المزدحمة للبطولة الوطنية؟
زكية الگريني: “أحاول دائماً التوفيق بين العمل وحياتي الشخصية، لأنه من المفروض أن يُعطى لكل مجال وقته المناسب. بحكم أنني أستاذة للتربية البدنية، فلا تتطلب وقتاً كبيراً. إما أعمل ساعات الصباح أو المساء، مما يوفر الوقت. بعد الانتهاء من العمل، أذهب مباشرة لإجراء تماريني استعداداً لأي مباراة، ثم أخصص وقتاً لحياتي الشخصية والعائلة.”
دعينا نتحدث عن التحكيم النسوي بالمغرب، كيف ترينه؟
زكية الگريني: “التحكيم النسوي في المغرب يشهد تطوراً ملحوظاً، حيث نرى عدداً كبيراً من الحكمات في مجموعة من المباريات، وعددهن يزداد بشكل كبير، فسابقاً، كان المغرب يتوفر على نحو 40 حكمة تقريباً، أما اليوم فعددهن يصل إلى 200 حكمة، فصرنا نرى حكمات دوليات من المستوى العالي، كبشرى كربوبي، وهذا دليل على أن التحكيم المغربي في المسار الصحيح.”
ردود الفعل حول القرارات التحكيمية تكون كثيرة أحياناً، كيف ترين ذلك؟
زكية الگريني: “القرارات التحكيمية الخاطئة واردة لأن الحكم إنسان قبل كل شيء يمكن أن يصيب كما يمكن أن يخطئ، يتخذ القرار الذي يراه مناسباً، ولا يمكننا كحكام الرد على غضب الجماهير، لأنه أمر مشروع بحكم الانتماء وحب الفريق. نحاول ما أمكن تفادي الأخطاء التحكيمية لإخراج المباراة لبر الأمان. ولا يمكن دائماً إرضاء جميع الجماهير، كما أنه لا يمكن لوم الحكم في نهاية المطاف لأنه إنسان.”
لماذا يلجأ الحكم المغربي لاستخدام الصافرة بشكل متكرر، مقارنة بالدوريات الأوروبية؟
زكية الگريني: “لا يمكن المقارنة. ففي الدوري المغربي، خاصة في القسم الأول، هناك مباريات في المستوى وقلما نرى فيها الحكم. فالحكم المحترف يحاول ما أمكن أن يتفادى تكسير رتم المباريات. بينما هناك فرق بين كرة القدم النسائية والذكورية في طريقة إدارتها، فمثلا طريقة لعب الإناث تعتمد في مجملها على الطرق التكتيكية، ومستوى المبارريات هو المتحكم في صافرة الحكم، ولا يمكن المقارنة بين الدوري المغربي والدوريات الأوروبية بسبب الفروق في المستويات.”
كيف ترين مستقبل التحكيم في المغرب بشكل عام؟
زكية الگريني: “مستوى التحكيم في المغرب متطور، نظراً للاهتمام الذي توليه الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، خاصة في جانب تكوين الحكام والدورات المستمرة، سواء في الفار أو تقنيات التحكيم الحديثة. الاهتمام زكية الگرينيزكية الگرينيبالشباب في مجال التحكيم، وبالعنصر النسوي أيضاً، يساهم في تطور التحكيم بالمغرب.”
ما هو طموحكِ المستقبلي في هذا المجال؟
زكية الكريني: “أطمح أن أكون حكمة رئيسة في قسم النخبة وللفار أيضاً. الآن بات بمقدوري أن أقود مباريات في القسم الوطني الثاني. أتمنى أيضاً قيادة مباريات في كأس العالم مستقبلاً إن شاء الله.”