سلمى السيري: الفن رسالة لا شهرة… ورسالتي إنسانية قبل كل شيء

القضية بريس6 أغسطس 2025آخر تحديث : منذ 4 أشهر
القضية بريس
حوارات
سلمى السيري: الفن رسالة لا شهرة… ورسالتي إنسانية قبل كل شيء
كريم حدّادي

في عالم الفن المغربي والعربي، يبرز عدد قليل من الأسماء التي استطاعت أن تمزج بين الموهبة العميقة والرؤية الفنية المتوازنة. من بين هذه الأسماء تلمع الممثلة المغربية سلمى السيري، التي أثبتت حضورها بخطوات ثابتة وإصرار كبير، سواء في الدراما المغربية أو العربية، بل وحتى على مستوى الإنتاجات العالمية. في هذا الحوار الحصري مع جريدة بريس القضية، تفتح سلمى قلبها وتتحدث عن تجربتها الفنية، رؤيتها للفن كرسالة إنسانية، وتطلعاتها نحو المستقبل.

البداية مع «سيوف العرب» وتجربة الإنتاج الضخم

WhatsApp Image 2025 08 06 at 21.36.55 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

سلمى، نبدأ من أحدث أعمالك الفنية: مسلسل «سيوف العرب»، كيف كانت التجربة؟

صراحةً، كانت مشاركة في عمل عربي ضخم حلمًا من أحلامي. أنا فخورة جدًا بأني جسّدت شخصية امرأة عربية تعكس عزة الحضارة الإسلامية. اسمي كان مكتوبًا ضمن طاقم عمل كبير، وكان شعور الفخر يغمرني.

وكيف تعاملتِ مع شخصية صفية في هذا العمل؟

شخصية صفية كانت صعبة للغاية بالنسبة لي، احتجتُ إلى الكثير من البحث، وبذلت كل جهدي لبناء ملامحها بدقة. استفدت من توجيهات المخرج سمير جابر، وقدّمت الشخصية للقلب قبل الكاميرا. صفية كانت من أقرب الشخصيات إلى قلبي.

وكيف كانت الأجواء خلف الكواليس؟

تشرفت بالعمل مع ممثلين من جنسيات وثقافات متعددة، جمعتنا روح الاحترام والتفاهم. لم نشعر بأي فرق في الجنسية أو الخلفية، بل كان هناك انسجام كامل. كان التعاون بين الإنتاج المغربي والقطري سلسًا جدًا. الجو الإيجابي منحنا دافعًا قويًا لإبداع يليق بمحبي الدراما العربية.

 

الخطوط الحمراء والرسالة الفنية

WhatsApp Image 2025 08 06 at 22.43.23 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

ما هي الضوابط التي تضعينها لمسيرتك الفنية؟

بدأت مسيرتي الفنية منذ سن الثامنة عشرة، واليوم أبلغ 29 عامًا. وضعت لنفسي خطوطًا حمراء صارمة، أهمها جسدي الذي لا أساوم عليه، سواء في الأفكار أو الجرأة في المظاهر. لا تغريني الشهرة ولا المال، أنا واضحة مع نفسي، وأؤمن أن الفن رسالة ومسؤولية قبل أن يكون وسيلة للظهور أو الربح.

وهل رفضتِ أعمالًا بناءً على هذه القناعة؟

نعم، وبكل صراحة، رفضت عددًا من الأعمال المغربية لأنني شعرت أنها قد تروّج لأفكار تساهم في تقويض قيم المجتمع. بعض الأدوار قد تساهم في نشر أفكار تخريبية للأسف، وأنا أحرص على أن أقدّم فنًا يحترم المشاهد ويحافظ على قيم المجتمع.

 

تجارب فنية متعددة بين المغرب والعالم

WhatsApp Image 2025 08 06 at 21.37.43 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

أنت من القلائل اللواتي خضن تجارب في الدراما المغربية والعربية وحتى الأجنبية، ما أبرز الفروقات؟

الفروقات تبدأ من الثقافة نفسها. خلال مسيرتي، تعاملت مع إنتاجات إيطالية، بريطانية، هندية وأمريكية. هذه التجارب كانت مدرسة حقيقية بالنسبة لي على المستويين المهني والشخصي.

أنا أحرص دائمًا على ما أسميه «الدبلوماسية الفنية». قبل الانخراط في أي تجربة جديدة، أدرس ثقافة البلد، بيئة العمل، طريقة التعامل مع الممثلين، وهل يمكنني الاندماج داخل هذا المجتمع الفني.

وماذا عن الإنتاج والإخراج؟

الإنتاج المغربي ما زال محليًا في معظمه، أما الأعمال العربية الكبيرة مثل «سيوف العرب» فتكون مدعومة تمويليًا بشكل أقوى وتضم أسماء بارزة. أما الإخراج الأجنبي، فيمنح الممثل مساحة أوسع للإبداع، يستمع لملاحظاته ويجعله شريكًا في تقديم الأفضل.

على سبيل المثال، خلال مشاركتي في فيلم فرنسي لعبت فيه دورًا رئيسيًا، لاحظ المخرج أسلوبي، واشتغلنا بعمق على جميع ملامح الشخصية. التفاعل كان كبيرًا، وأصبح العمل مشروعًا مشتركًا وليس مجرد أداء دور مكتوب.

أما في بعض الأعمال المغربية، فالأمر مختلف؛ الالتزام الحرفي بالنص يقيّد الإبداع ويترك مساحة ضئيلة للتفسير الشخصي.

وماذا عن المواضيع؟

ألاحظ أن التلفزيون المغربي لا يزال يكرر نفس المواضيع والحبكات المعروفة دون الاستفادة من الطفرة العالمية في الدراما. بينما وجدت في الأعمال العالمية تنوعًا كبيرًا في القصص وزوايا مختلفة، تمنح الفنان تجربة أغنى وتدفعه للعطاء بأقصى طاقاته.

 

علاقتها بالثقافة والقراءة واللغات

WhatsApp Image 2025 08 06 at 18.53.06 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

نراك مهتمة بالقراءة، كيف تصفين علاقتك بالكتب؟

بصراحة، لم أكن أعشق القراءة في طفولتي. كنت طفلة بصرية وسمعية أكثر، لكن نقطة التحول جاءت عندما اقترح عليّ زملائي كتابًا بعد المرحلة الإعدادية. عندما قرأت أول كتاب ترك في حياتي أثرًا كبيرًا، شعرت أنني تركت وراءه أشياء لم أكن أعرفها. منذ ذلك الوقت أصبح الكتاب خير صديق لي.

كنت أقرأ في البداية قصصًا فقط، ثم اتجهت لكتب التحفيز مثل «الخيميائي»، ثم علم النفس والبزنس. الكتاب يفتح لك آفاقًا جديدة ويشجعك على التفكير النقدي.

وهل ساعدتك خلفيتك الأكاديمية وإتقانك للغات في مسارك الفني؟

بالتأكيد. تكويني الأكاديمي وإتقاني لعدة لغات أفادني كثيرًا خصوصًا في الإنتاجات العالمية. بدأت بالإنجليزية، ثم الصينية والألمانية والفرنسية. هذا الانفتاح جعل رؤيتي الفنية أكثر نضجًا وإنسانية ووسع مصادر معرفتي، وساعدني في فهم ثقافات مختلفة والتواصل مع الآخر.

 

قضايا إنسانية وأعمال مستقبلية

WhatsApp Image 2025 08 06 at 21.03.58 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

شاركْتِ في فيلم «قلب كريم» الذي تناول موضوع التبرع بالأعضاء. كيف أثّر فيك هذا الدور؟

قبل أن أكون ممثلة، أنا إنسانة. هذا الدور ترك أثرًا كبيرًا في قلبي، خاصة وأنني فقدت شخصًا عزيزًا في نفس السنة برفقة أمي أثناء زيارته للمستشفى. لأول مرة سمعت عن إمكانية منح شخص آخر فرصة حياة من خلال التبرع بالأعضاء. لذلك، عندما عُرض عليّ هذا الدور، لم أتردد لحظة، لأنه يحمل رسالة إنسانية نبيلة جدًا.

وماذا عن مشاريعك المقبلة؟

هناك عدة مشاريع على الطريق، من بينها فيلم مغربي من إخراج أيوب قنير متوقع صدوره عام 2026، وفيلم فرنسي سبق أن تحدثت عنه وسيُعرض قريبًا، بالإضافة إلى مشاريع عالمية أخرى سأعلن عنها لاحقًا.

 

رسالة للقراء

WhatsApp Image 2025 08 06 at 22.43.22 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

في ختام هذا الحوار، أود أن أشكر كل قارئ جريدة القضية بريس, قرأ هذا اللقاء حتى السطر الأخير. بقلم الصحفي المحترف، كريم حدادي. أتمنى أن تظل أعمالي تترك أثرًا طيبًا في النفوس، وأن أساهم فنيًا في التغيير الإيجابي داخل المجتمع المغربي. الشهرة والماديات لا تغريني، بل طموحي أن أكون فنانة تساهم أعمالها في تغيير إيجابي حقيقي.

 

سلمى السيري ليست مجرد ممثلة تبحث عن أدوار، بل فنانة ملتزمة بمبادئها، تحمل هموم وطنها وتسعى لأن يكون فنّها جسرًا للتغيير الإيجابي. تبقى علامة مضيئة في سماء الفن، ورسالة حياة قبل أن تكون رسالة شهرة.
الاخبار العاجلة