في زمنٍ تتسارع فيه الخطى ويكاد يُنسى فيه كبار السن في زوايا الحياة، أصرّت مجموعة فنية شابة على أن تعيد الدفء إلى القلوب المنسية، وتُثبت أن الفن ليس مجرد أداء، بل رسالة إنسانية بامتياز. كان ذلك في دار المسنين بورمادة بمدينة سلا، حيث تحوّلت جدران المكان إلى مسرح مفتوح للعاطفة، ولحن الوفاء، والاعتراف الجميل بالجميل.
في إطار احتفالات الذكرى السابعة عشرة لتأسيس منظمة الكشاف العربي، نظّمت كورال أنغام بالرباط، أمسية فنية وإنسانية بتأطير من الفنانة والمنشطة ياسمين السلطاني، وتعاون من فرع مندوبية المنصورية.
المبادرة لم تكن مجرد حفل، بل فعل محبة، وجسر بين الأجيال، ومناسبة لتكريم من منحتهم الحياة زمناً، لكن لم يمنحهم الواقع ما يكفي من الاحتضان.
نغمات تُحيي الروح
افتُتحت الأمسية بعزفٍ روحاني للفنان محمد نور، عازف العود الذي حول أوتاره إلى لغة صامتة تحكي عن الوفاء والسكينة. أداءٌ لم يكن تقنياً فقط، بل صادراً من قلبٍ يعي تماماً قيمة من يُخاطبهم.
تلت ذلك وصلة غنائية دافئة من الفنانة سلمى بوصبيح، والتي بصوتها الحنون وابتسامتها الصادقة، لامست مشاعر النزلاء، وكانت كأنها ابنة تعيد لأمهاتها وآبائها طمأنينة طال غيابها.
جيل جديد يُجدد العهد
الفنان الشاب منعم أجرار، حمل رسالة الفن بأصالة الشباب، وشارك بصوت نقي وحضور قوي، أعاد الأمل في أن الجيل الجديد قادر على حمل مشعل العطاء الإنساني دون تردد.
ومن مدينة القنيطرة، جاء الفنان أحمد بزيط، المختص في تدريب المقامات الصوتية، ليساهم بإحساسه الراقي وتجربته الفنية في تأكيد أن الفن حين يُوظف للخير، يتحول إلى فعل راقٍ ومؤثر.
قلب التنظيم النابض
وراء هذا الانسجام بين الفن والإحساس، وقفت ياسمين السلطاني، الفنانة والمنشطة ورئيسة كورال أنغام، التي لم تكتفِ بالغناء، بل أشرفت على التنظيم بكثير من الحب. وقالت في ختام الحفل بكلمات مؤثرة: “اليوم فقط، شعرت بقيمة الفن حين رأيت السعادة ترتسم على وجوه من ظنّوا أن الحياة نسيتهم.”
لمسة مغربية خالصة
واختُتمت الأمسية بجلسة شاي مغربية أصيلة، تخللتها طقوس الحناء، في لحظات جمعت بين التراث والتقدير، وحوّلت اليوم العادي إلى ذكرى لا تُنسى في قلوب النزلاء والحاضرين على حدّ سواء.








































