فاتح ماي 2025 بالمغرب: عيد الشغل بين صرخة الشغيلة وصمت السياسيين

القضية بريس1 مايو 2025آخر تحديث : منذ 7 أشهر
القضية بريس
مجتمع
فاتح ماي 2025 بالمغرب: عيد الشغل بين صرخة الشغيلة وصمت السياسيين

في أول ماي 2025، خرجت الطبقة العاملة المغربية لتخليد عيد الشغل في أجواء اجتماعية مشحونة، وسياق اقتصادي ضاغط، وسط تساؤلات متصاعدة حول جدوى السياسات الاجتماعية الحكومية، ودور النقابات في الدفاع عن حقوق الشغيلة، التي تواجه واقعاً معقداً تتداخل فيه معاناة القدرة الشرائية، وهشاشة التغطية الاجتماعية، وتفاقم البطالة.

 

مسيرات احتجاجية… ومطالب متجددة

 

شهدت مدن كبرى كالدار البيضاء، الرباط، فاس، ومراكش، تنظيم مسيرات احتجاجية نظمتها المركزيات النقابية الكبرى، وعلى رأسها الاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والاتحاد الوطني للشغل بالمغرب. ورفعت خلال هذه المسيرات شعارات قوية تطالب بإعادة الاعتبار للطبقة العاملة، وتحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية، والمراجعة الجذرية لنظام التقاعد الذي أضحى عبئاً ثقيلاً على الأجراء.

 

كما نددت النقابات بارتفاع الأسعار، وتآكل الأجور، وتماطل الحكومة في تنفيذ مخرجات الحوار الاجتماعي، حيث أجمعت التصريحات النقابية على أن “الالتزامات لا تزال حبيسة الوعود”، في وقت تتفاقم فيه معاناة الأسر المغربية مع موجة غلاء غير مسبوقة.

 

التضامن مع القضية الفلسطينية حاضر بقوة

 

اللافت خلال هذه الاحتفالات أن المسيرات العمالية لم تخلُ من الطابع السياسي، إذ رفعت أعلام فلسطين وصور الشهداء في عدة وقفات، ونددت المركزيات بما اعتبرته “تطبيعاً رسمياً لا يعكس إرادة الشعب المغربي”، مطالبة بوقف أشكال الدعم الصامت للكيان الصهيوني، وربط المواقف الخارجية بقيم العدالة وحقوق الإنسان التي يؤمن بها المغاربة.

 

النقابات… بين اتهام بالتهاون وطموح للاستقلالية

 

في الوقت الذي عبّر فيه عدد من النقابيين عن تشبثهم بالدفاع عن حقوق الشغيلة، شكّك العديد من النشطاء في استقلالية العمل النقابي، متهمين بعض القيادات بمهادنة السلطة والركون إلى منطق التسويات على حساب المطالب الحقيقية. وقد عبّر بعض العمال عن فقدان الثقة في جدوى الخرجات السنوية، معتبرين أن “فاتح ماي لم يعد سوى مناسبة لالتقاط الصور والخطابات المكررة”.

 

الحكومة… غياب عن الساحة واتهامات بالتقصير

 

في الجانب الحكومي، غاب التفاعل الفعلي مع المطالب المرفوعة في عيد الشغل، حيث لم تُسجّل أي مبادرات رسمية ذات طابع استعجالي أو رمزي لطمأنة الطبقة العاملة. وقد اعتبرت بعض التحليلات أن حكومة عزيز أخنوش لم تفِ بوعودها الانتخابية المتعلقة بتحسين الأجور، وتعميم الحماية الاجتماعية في أفق زمني معقول، وأنها “تدير الأزمات أكثر مما تصنع الحلول”.

 

فاتح ماي… مرآة مجتمع في مفترق طرق

 

يمثل فاتح ماي هذا العام لحظة مكثفة تختزل مشاعر القلق والاحتقان داخل المجتمع المغربي. فالطبقة العاملة، التي تشكل القلب النابض لكل تنمية اقتصادية، تعيش اليوم على وقع التهميش وفقدان الأمل، في ظل استمرار تفكك منظومة العدالة الاجتماعية.

 

لكن، وبين واقع التأزم وطموحات الإصلاح، تظل هذه المحطة مناسبة للتذكير بقوة الشغيلة حين تتوحد، وبأن المستقبل لن يُبنى إلا بتمكينها فعلياً من حقوقها، والاستثمار في رأس المال البشري باعتباره مدخلاً أساسياً لأي نموذج تنموي ناجح.

الاخبار العاجلة