أكد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب المغربي، أن التحديات الراهنة التي تواجه منطقة البحر الأبيض المتوسط، وفي مقدمتها النزاعات والهجرة والاختلالات المناخية، تستدعي استحضار القيم التاريخية لهذا الحوض الحضاري الذي لطالما شكّل جسراً للتبادل والتعايش، لا ساحةً للصراع.
وفي كلمة ألقاها خلال قمة رؤساء البرلمانات الأعضاء في الجمعية البرلمانية للاتحاد من أجل المتوسط، المنعقدة بمدينة مالقا الإسبانية، أبرز الطالبي العلمي رمزية المدينة المستضيفة التي تطل على شواطئ المغرب، مشيرًا إلى ما يرمز إليه هذا القرب الجغرافي من “روح حسن الجوار والصداقة التي تجمع بين الشعبين المغربي والإسباني”.
وأشاد الطالبي العلمي بالجهود التي بذلتها الرئاسة الإسبانية لتنظيم هذه الدورة، منوهًا بما وصفه بـ”الاختيار الموفق لمالقا”، التي سبق لها أن احتضنت أول مؤتمر برلماني حول الأمن والتعاون في المتوسط عام 1992، والذي أسّس لاحقًا لنشوء البرلمان المتوسطي.
وبخصوص موضوع الهجرة، الذي اختارته الرئاسة الإسبانية محورًا رئيسيًا في جدول أعمال هذه الدورة، اعتبر الطالبي العلمي أن الظاهرة لا يمكن فصلها عن السياق العام الذي يعيشه الإقليم، من نزاعات مسلحة وتغيرات مناخية وضعف في التنمية.
وشدد على ضرورة تصحيح الصور النمطية المرتبطة بالهجرة، ورفض توظيفها سياسيًا في بلدان الاستقبال، داعيًا إلى الاعتراف بدور المهاجرين في تنمية هذه البلدان.
كما ذكّر بأهمية تعزيز التعاون بين بلدان العبور والاستقبال، مشيرًا إلى “النموذج الناجح” الذي يجمع بين المغرب وإسبانيا في تدبير قضايا الهجرة، واصفًا إياه بـ”التعاون القائم على الرؤية الإنسانية والحقوقية”.
وفي سياق متصل، لم يُخفِ رئيس مجلس النواب المغربي “المرارة والأسف” من الأوضاع المتدهورة التي تعرفها المنطقة، معتبرًا أن “الشعب الفلسطيني هو أكبر ضحية لهذا الوضع المتفجر”، وأن “أصل معضلات المنطقة هو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”.

وجدّد التأكيد على موقف المغرب الثابت، كما يعبر عنه باستمرار صاحب الجلالة الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، بضرورة “وقف الحرب في غزة كأولوية عاجلة”، والدفع نحو حل سياسي عادل، يُمكّن الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة، وفي مقدمتها إقامة دولتهم المستقلة على أساس حل الدولتين.
واعتبر الطالبي العلمي أن استقرار الإقليم المتوسطي لا يمكن أن يتحقق دون تسوية القضية الفلسطينية، محذرًا من أن استمرار العنف والنزاعات “لا يهدد فقط المنطقة، بل يمتد تأثيره إلى الاستقرار الاقتصادي والسياسي العالمي”.
وفي ختام كلمته، أثنى الطالبي العلمي على جهود الرئاسة الإسبانية، وعلى الدور المتواصل للزميلة Francina Armengol والزميل Pedro، مشيدًا بروح الالتزام المتوسطي الذي يميز إسبانيا.
كما هنأ رئيس مجلس النواب المصري، الدكتور حنفي جبالي، بمناسبة توليه الرئاسة الدورية للجمعية البرلمانية، معبرًا عن ثقته في أن “مستقبل الجمعية سيكون واعدًا تحت رئاسته، لما لمصر من ثقل إقليمي وقاري كبير”.







































