اليوم يقصر دون أن نشعر… أسرار تسارع دوران كوكبنا الأزرق

القضية بريس28 يونيو 2025آخر تحديث : منذ 5 أشهر
القضية بريس
علوم
اليوم يقصر دون أن نشعر… أسرار تسارع دوران كوكبنا الأزرق
القضية بريس

تشير قياسات علمية حديثة إلى أن الأرض تدور حول محورها بوتيرة أسرع مما كانت عليه قبل عقود، ما يؤدي إلى تقليص طول اليوم بفارق لا يُقاس بالدقائق أو حتى الثواني، بل بالميلي ثانية، وهي تغيّرات طفيفة لكنها كافية لإثارة قلق الخبراء المسؤولين عن دقة الساعات الذرية ونظم التوقيت العالمية.

 

ففي يوليو 2022، سجلت وكالة Timeanddate أن يوم 29 يوليو كان أقصر يوم منذ بدء تسجيل القياسات باستخدام الساعات الذرية فائقة الدقة في ستينيات القرن الماضي، حيث كان أقصر بـ1.59 ميلي ثانية من 24 ساعة كاملة. وقد أكدت المصلحة الدولية لدوران الأرض والنظم المرجعية (IERS) أن الأرض تسجل بشكل متكرر أيامًا قصيرة بفارق ميلي ثانية عن الطول المعتاد لليوم.

 

سبب الظاهرة: ألغاز علمية مستمرة

حتى الآن، لا يوجد تفسير نهائي لهذا التسارع الطفيف، لكن الباحثين يدرسون عدة فرضيات أبرزها:

 

تغير توزيع الكتلة على سطح الأرض، بفعل ذوبان الأنهار الجليدية الذي يحرر كميات هائلة من المياه نحو المحيطات، ما يعيد توزيع الثقل ويغير معدل الدوران بشكل طفيف.

 

تذبذب حركة اللب الداخلي للأرض، وهو ما أشارت إليه دراسات نشرتها مجلة Nature Geoscience عام 2016 التي تحدثت عن علاقة دوران اللب بتباطؤ وتسارع دوران القشرة الأرضية.

 

قوى الجاذبية المتبادلة مع القمر والشمس، التي يمكنها أن تؤثر بشكل دوري على سرعة دوران الأرض حول محورها.

 

ظاهرة تسمى حركة القطب القطبي Polar Motion، أي انحراف محور دوران الأرض ببطء نحو اتجاهات جديدة نتيجة تغير توزيع الكتلة القارية والمحيطية.

 

تأثيرات عملية على حياتنا اليومية

ورغم أن الفارق لا يتجاوز أجزاء من الثانية، فإن للظاهرة عواقب على مستوى دقة التوقيت العالمي (UTC)، الذي يعتمد على الساعات الذرية لمزامنة شبكات الاتصالات والملاحة عبر الأقمار الصناعية.

 

وتقول صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير لها عام 2022 إن استمرار تقليص طول اليوم قد يدفع السلطات العلمية، لأول مرة على الإطلاق، إلى التفكير في إضافة “ثانية سالبة” إلى التوقيت العالمي المنسق، لتعديل الفارق وضبط التوقيت بدقة.

 

من جهتها، حذرت وكالة الفضاء الأمريكية NASA في تقاريرها الدورية من أن مثل هذه التعديلات قد تتسبب في ارتباك بعض أنظمة الملاحة الفضائية وتقنيات تحديد المواقع (GPS)، المعتمدة على تزامن الوقت بدقة ميكروثانية.

 

ما الذي ينتظرنا مستقبلاً؟

رغم الطابع الدقيق لهذه التغيرات، يرى بعض العلماء أن استمرارها قد يعكس تحولات أعمق في ديناميات الأرض، ما يدعو إلى مزيد من الأبحاث لفهم علاقة التغيّرات المناخية والبنائية بسرعة دوران الكوكب.

 

ويخلص باحثون في المعهد الوطني للمعايير والتقنية (NIST) الأمريكي إلى أن “الزمن ليس ثابتا تماما كما نعتقد، وأن دقته الفائقة لا تعني أنه محصن ضد التغيّرات الطبيعية”.

الاخبار العاجلة