في خطابه السامي بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لاعتلائه عرش أسلافه المنعمين، شدد جلالة الملك محمد السادس نصره الله على أن التنمية الاقتصادية لا يمكن أن تُقاس فقط بالمؤشرات والأرقام، ما لم تنعكس بشكل ملموس على تحسين أوضاع المواطنين في جميع ربوع المملكة.
وأكد جلالته أن المغرب، رغم التحديات المرتبطة بتوالي سنوات الجفاف والاضطرابات الاقتصادية العالمية، تمكن من الحفاظ على وتيرة نمو مهمة، وحقق نهضة صناعية غير مسبوقة، مبرزاً أن قطاعات مثل صناعة السيارات والطيران والطاقات المتجددة والصناعات الغذائية أصبحت رافعة أساسية للاقتصاد الوطني، سواء من حيث جلب الاستثمارات أو خلق فرص الشغل.
وأضاف جلالة الملك أن المغرب يتمتع ببنيات تحتية حديثة ومتكاملة، عززها بإطلاق مشاريع استراتيجية كتمديد خط القطار فائق السرعة إلى مدينة مراكش، إلى جانب أوراش كبرى تتعلق بالأمن المائي والغذائي والسيادة الطاقية، مشيراً إلى أن المملكة أضحت أرضاً واعدة للاستثمار بفضل شبكة اتفاقياتها التجارية التي تربطها بما يناهز ثلاثة مليارات مستهلك عبر العالم.
ورغم هذه المكاسب، أكد جلالته أن “ما يحركنا ليس فقط تحقيق النمو، وإنما تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية”، مبرزاً أن التنمية لن تكون ذات معنى إذا لم تشمل كافة المناطق والفئات، وبالأخص تلك التي لا تزال تعاني من مظاهر الفقر والهشاشة، لا سيما في العالم القروي.
وأوضح جلالته أن نتائج الإحصاء العام للسكان لسنة 2024 كشفت عن تحولات ديمغرافية ومجالية مهمة، من أبرزها تراجع الفقر متعدد الأبعاد من 11,9 في المائة سنة 2014 إلى 6,8 في المائة سنة 2024، بالإضافة إلى تجاوز المغرب عتبة مؤشر التنمية البشرية نحو فئة الدول ذات التنمية المرتفعة. غير أن هذا التقدم، يضيف جلالته، لا يعفي من استمرار بعض التفاوتات المجالية والاجتماعية.
واختتم جلالة الملك هذا المحور بتأكيد واضح: “لا مكان اليوم ولا غداً لمغرب يسير بسرعتين. طموحنا هو مغرب موحد، متكافئ الفرص، تُثمر فيه التنمية شمولاً وعدالةً وتضامناً بين مختلف فئاته وجهاته.”






































