تشهد واحات الجنوب الشرقي للمغرب، خاصة بجهة درعة–تافيلالت (ورزازات، الراشيدية، زاكورة، وتنغير)، موجة حرائق متكررة خلال السنوات الأخيرة، باتت تهدد النظم البيئية الهشة والموروث الثقافي المتجذر، وتُسلط الضوء على هشاشة استدامتها المجتمعية والاقتصادية.
من بلدة أوافوس بإقليم الراشيدية إلى المناطق السقوية في زاكورة وورزازات، أصبحت النيران شبحًا يهدد الواحات عامًا بعد عام، خصوصًا خلال فترات الجفاف وارتفاع درجات الحرارة. فكل صيف يُسجَّل اندلاع جديد، ما يعكس اتساع رقعة الكارثة البيئية في ظل غياب تدخل فعّال من الجهات المعنية.
أرقام مقلقة وأسباب متداخلة

حسب المعطيات الرسمية، فقد تم تسجيل ما يناهز 2,393 حريقًا بين سنتي 2009 ويونيو 2024، أتلفت نحو 172,000 نخلة على مساحة تقارب 1,423 هكتارًا، منها 82% في أقاليم الراشيدية وزاكورة وكلميم. وفي حادثة حديثة، أتى حريق بواحة أوافوس على 8 هكتارات، متسببًا في احتراق 300 نخلة كليًا و400 جزئيًا، بفعل صعوبة الولوج وغياب الممرات الداخلية.
ورغم قدرة النخيل على مقاومة الظروف القاسية، فإن تراكم السعف الجاف، وتراجع تنظيف الأعشاش التقليدية، والغياب شبه الكامل للمسالك الداخلية، جعل من الواحات بيئة قابلة للاشتعال السريع وانتشار اللهب.
مبادرات متعثرة وغضب محلي

في هذا السياق، أوضح جمال أقشباب، رئيس جمعية أصدقاء البيئة بزاكورة، في تصريح لجريدة القضية بريس الالكترونية، أن الجمعية قدمت قبل ثلاث سنوات مشروعًا متكاملًا لحماية الواحات من الحرائق، دون تلقي أي تفاعل من الجهات المختصة. واعتبر أن الحديث عن الاستراتيجيات يظل شكليًا في ظل غياب أثر ملموس، خاصة بعد تكرار الحرائق في جماعتي محاميد الغزلان وبني زولي.
وأضاف أن استثمارات الدولة منذ 2012 في غرس الأركان، والتي فاقت 12.5 مليار درهم، لم تنعكس على التنمية المحلية، حيث لا تزال المنطقة تعاني الفقر والهشاشة. كما دعا إلى خطة استعجالية لتثمين مياه الفيضانات المتكررة، وتجديد الواحات وتحصينها.
من جهتهم، يحمّل السكان المحليون الجهات الرسمية جزءًا كبيرًا من المسؤولية، في ظل غياب برامج فعالة للوقاية والاستجابة، وانحصار التدخلات في حملات ظرفية لا تواكب حجم التحديات.
في المقابل، بدأت بعض المؤسسات العمومية، مثل وكالة تنمية مناطق الواحات، تنفيذ إجراءات تشمل حملات تحسيسية، توسيع نقاط الماء، توزيع الشتائل، وتحسين ممرات الإطفاء. إلا أن هذه الجهود، بحسب الفاعلين المحليين، لا تزال دون المستوى المطلوب لمواجهة تصاعد الخطر موسمًا بعد آخر.







































