بينما يواصل المغرب استعداداته لاستضافة كأس العالم 2030 بالشراكة مع إسبانيا والبرتغال، يطرح مهنيو قطاع سيارات الأجرة سؤالًا ملحًا: هل السائقون جاهزون للتعامل مع ملايين الزوار الأجانب بلغاتهم المختلفة؟ النقابات المهنية تحذر من فجوة واضحة في التكوين اللغوي، خاصة في اللغة الإنجليزية، باعتبارها مفتاح التواصل العالمي خلال الحدث الكروي الأضخم.
ويؤكد مهنيون أن سائقي الطاكسيات، باعتبارهم من أول الوجوه التي يلتقي بها السائح أو الزائر فور وصوله إلى المغرب، يحتاجون إلى دعم فعلي لاكتساب مهارات تواصل جديدة تساعدهم على أداء دورهم في حسن استقبال الوافدين وتمكينهم من تقديم صورة حضارية تليق بالمغرب وتواكب طموحاته التنموية.
ويضم المغرب نحو 77,000 سيارة أجرة (كبيرة وصغيرة معًا) بحسب آخر المعطيات المتاحة حتى نهاية 2024، ويشغل القطاع حوالي 170,000 سائق مهني، ويعد أحد أهم ركائز النقل الحضري وبين المدن. وتتركز أكبر حظيرة سيارات الأجرة في الدار البيضاء (14,800 سيارة) تليها الرباط (4,400 سيارة). كما أن 80% من الأسطول تم تجديده في إطار برامج دعم حكومية استمرت حتى 2023–2024.
النقابات تدق ناقوس الخطر
وفي تصريح خاص به جريدة القضية بريس الالكترونية، قال نبيل الهوم، الأمين العام للاتحاد العام للشغيلة الوحدوية بالمغرب: “سائقو الطاكسيات هم أول واجهة يلتقي بها السائح عند وصوله إلى المغرب، وهم مطالبون بأن يكونوا سفراء حقيقيين للبلاد في هذا الحدث التاريخي.”
وأضاف الهوم موضحًا: “للأسف، لا توجد إلى اليوم برامج تكوين رسمية تستهدف هذه الفئة مباشرة، رغم أن دورها حاسم في إنجاح تجربة الزائر. صحيح أن أغلب السائقين يتقنون الفرنسية، وهذا سيساعد نسبيًا خلال كأس إفريقيا المقبلة نظرًا لتقارب اللغة والثقافة مع عدد من الوفود الإفريقية، لكن الوضع مختلف مع كأس العالم.”
وتابع قائلًا: “في مونديال 2030، سيستقبل المغرب ملايين السياح من أمريكا الشمالية وآسيا وأوروبا الشرقية، وهؤلاء لن يفهموا الفرنسية في الغالب. لذلك تصبح الإنجليزية ضرورة قصوى وليست مجرد رفاهية. نحن كنقابة سنطالب الحكومة بضرورة إطلاق برنامج وطني لتعليم اللغة الإنجليزية موجه خصيصًا لسائقي سيارات الأجرة، على الأقل في المدن السياحية الكبرى مثل الرباط، كازابلانكا، مراكش، وأكادير.”
وأشار الهوم إلى أن الهدف هو أن يكون السائق المغربي قادرًا على الترحيب بالسائح بكلمة إنجليزية بسيطة، يرشده إلى وجهته ويقدم له صورة حضارية عن بلده، مؤكدًا أن تحسين تجربة الزوار يبدأ من لحظة مغادرتهم المطار ويعتمد على قدرة السائق على التواصل معهم.
اللغة استثمار سياحي مباشر
تحسين مهارات سائقي الأجرة في التواصل بالإنجليزية ليس مجرد رفاهية ثقافية، بل استثمار اقتصادي وسياحي مباشر. فكل تفاعل سلس بين السائح والسائق ينعكس في تجربة سفر إيجابية، ويترجم إلى تقييمات أفضل، وزيارات متكررة، وعوائد إضافية يستفيد منها السائق والمدينة والمغرب ككل. وتشير تقارير وزارة السياحة إلى أن المغرب استقبل 17.4 مليون سائح في 2024 بإيرادات تجاوزت 104 مليارات درهم، وهو رقم يمكن رفعه خلال مونديال 2030 إذا حُسّنت تجربة التنقل الحضري منذ لحظة وصول الزائر.
ومع اقتراب هذا الحدث العالمي، لا تكفي الملاعب الحديثة ولا البنية التحتية المتطورة. الواجهة الأولى التي سيصطدم بها السائح هي العنصر البشري، وفي مقدمته سائق الأجرة. تمكين هذا السائق من لغة عالمية سيحوّل أول رحلة من المطار إلى الفندق إلى رسالة ترحيب حضارية تختصر صورة المغرب للعالم، وتحوّل طموحه السياحي إلى مكسب اقتصادي ملموس.







































