أحمد الهواري.. فنان متمرد يُكرَّم في عيد العرش تقديراً لمسيرته الإبداعية

القضية بريس7 أغسطس 2025آخر تحديث : منذ 4 أشهر
القضية بريس
فن وثقافة
أحمد الهواري.. فنان متمرد يُكرَّم في عيد العرش تقديراً لمسيرته الإبداعية
عبد المجيد راشيدي

في أجواء وطنية نابضة بالفخر والاعتزاز، نظّمت جمعية “تراتيات المغرب” برئاسة السيدة زوبيدة الطويل، احتفالاً ثقافياً وفنياً بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لعيد العرش المجيد، تحت شعار “عيد العرش: قصة ولاء ووفاء لا تنتهي”. وقد احتضنت قاعة لامارتين بمدينة الدار البيضاء هذا الحفل المتميز، الذي جمع بين الإبداع الفني والوفاء الوطني، بمشاركة نخبة من الفنانين والمبدعين المغاربة.

 

وسط هذا الزخم الثقافي، برز اسم الفنان التشكيلي المغربي أحمد الهواري الذي حظي بتكريم خاص، اعترافًا بمسيرته الفنية الطويلة والمتميزة. يُعد الهواري أحد أبرز رواد الفن التشكيلي المعاصر بالمغرب، بفنه المتمرد وخطابه البصري الفريد، حيث تجاوز القواعد الكلاسيكية ليؤسس مشروعاً فنياً خاصاً، اتسم بالحركية والرمزية والعمق الإنساني. منذ بداياته، سعى الهواري إلى كسر النمطية في التعبير البصري، معتمدًا على التجريب والتأمل، في سعي دائم نحو مساءلة الجمال والواقع.

 

لا تقدم لوحات الهواري مجرد عرض جمالي، بل تفتح المجال أمام المشاهد للتأمل والقراءة المتعددة، حيث تتحول كل لوحة إلى نص بصري غني بالرموز والدلالات. يفضل الهواري أن يترك مساحات من الغموض واللايقين، مؤمنًا بأن الفن لا ينبغي أن يُفهم بالكامل، بل يُعاش ويُفسَّر حسب تجربة كل متلقٍّ. لا يخشى الفنان من النقد السلبي، بل يراه مؤشراً على نجاحه في تحفيز الفكر وفتح النقاش، إذ يعتبر أن الاستفزاز الفني هو أداة لتوسيع أفق الإدراك، وليس ترفاً جمالياً.

 

لا تنحصر تجربة الهواري في الإبداع التشكيلي فحسب، بل هي رحلة وجودية وإنسانية، مليئة بالتحديات والتمرد على القوالب الجاهزة. رفض الانصياع للمعايير الرسمية، وفضّل الانطلاق من حسه الإنساني وتأمله العميق في الحياة والمجتمع، وهو ما جعل منه فناناً عصياً على التصنيف، ومنفتحاً على عوالم لا متناهية من التعبير.

 

تميّز الحفل بتعدد الفنون المعروضة، من الغناء الوطني إلى الشعر والزجل والفن التشكيلي، في تناغم جسّد روح المغرب الثقافية. وكان تكريم أحمد الهواري لحظة رمزية قوية، تؤكد على مكانة الفنان في بناء الوعي الوطني وتعزيز الهوية الثقافية، وتبرِز كيف يمكن للفن أن يكون مرآة للانتماء والوفاء للعرش والوطن.

 

إن تكريم أحمد الهواري لا يُعد فقط اعترافاً بمسيرته الفنية، بل هو تقدير لرسالة الفن ودوره في صقل الوعي الجماعي. في هذه الذكرى الوطنية الغالية، يظل الهواري رمزاً للفنان الملتزم، المتجدد، والمتمرد، الذي اختار أن يسافر في عوالم الجمال بعين الناقد وحس المبدع. كل التمنيات له بمزيد من الصحة والعطاء، ليستمر في إغناء المشهد الفني المغربي، وحفر اسمه ضمن الكبار الذين خلّدهم الإبداع الحقيقي.

الاخبار العاجلة