اهتزّ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الأحد، بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي تنفيذ غارات جوية على جنوب القطاع، رداً على ما وصفه بهجمات نفذتها حركة حماس ضد مواقعه العسكرية، وهو ما نفته الحركة مؤكدة التزامها بالاتفاق.
وأصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تعليمات لقوات الأمن بـ”التحرك القوي ضد الأهداف الإرهابية في قطاع غزة”، متهماً “حماس” بانتهاك وقف إطلاق النار الذي دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الجاري، بضغط من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد حرب مدمّرة استمرت أكثر من عامين أعقبت هجوم “حماس” في السابع من أكتوبر 2023.
وفي المقابل، أكدت “حماس” في بيان صادر عن كتائب عز الدين القسّام التزامها الكامل بتنفيذ بنود الاتفاق، وفي مقدمتها وقف إطلاق النار، نافية علمها بوقوع أي اشتباكات في مدينة رفح التي وصفتها بأنها “منطقة حمراء خاضعة لسيطرة الاحتلال”. وأوضحت الحركة أن “الاتصال مقطوع بما تبقى من مجموعاتها الميدانية هناك منذ عودة الحرب في مارس الماضي”.
وكانت المرحلة الأولى من اتفاق الهدنة قد نصت على إفراج متبادل عن الرهائن والمعتقلين، حيث سلّمت “حماس” في الثالث عشر من الشهر الجاري 20 رهينة مقابل إفراج إسرائيل عن 2000 معتقل فلسطيني. إلا أن الجيش الإسرائيلي أعلن الأحد أن عناصر مسلحة أطلقت صواريخ مضادة للدبابات وفتحت النار على قواته في منطقة رفح، مؤكداً أن طيرانه ردّ بغارات جوية ومدفعية استهدفت أنفاقاً ومنشآت عسكرية.
وأفاد شهود عيان لوكالة “فرانس برس” بأن الطيران الإسرائيلي نفذ غارتين على أطراف مدينة رفح، دون تأكيد لحصيلة الضحايا، فيما تحدث آخرون عن وقوع اشتباك محدود بين عناصر من “حماس” ومجموعة محلية معادية لها، قبل أن تتدخل الدبابات الإسرائيلية في المنطقة.
وفي الجانب السياسي، اعتبر عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحركة “حماس”، أن إسرائيل هي من “تواصل خرق الاتفاق واختلاق الذرائع الواهية”، بينما كتب الوزير الإسرائيلي اليميني المتطرف بتسلئيل سموطريتش على منصة “إكس”: “إنها الحرب!”.
وتزامن التصعيد مع إعلان إسرائيل التعرف على جثتي رهينتين جديدتين سُلّمتا في إطار اتفاق الهدنة، ليرتفع عدد الرفات المسلّمة من الحركة إلى 12، بينهم الإسرائيلي رونين إنغل والتايلندي سونتايا أوكارسري اللذان خُطفا خلال هجوم أكتوبر 2023. وأكد مكتب نتانياهو أن إسرائيل “لن تساوم” وستواصل العمل “حتى استعادة جميع الرهائن”.
وفي المقابل، تواصل “حماس” التمسك بمطلبها المتعلق بإعادة فتح معبر رفح لإدخال المساعدات الإنسانية والمعدات اللازمة للبحث عن رفات الرهائن تحت الأنقاض، معتبرة أن استمرار إغلاق المعبر يعقّد تنفيذ الاتفاق الإنساني.
ميدانياً، يواجه القطاع أوضاعاً إنسانية صعبة، فيما وصف توم فليتشر، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، حجم الدمار في غزة بأنه “مروّع للغاية”، مؤكداً خلال زيارته الأخيرة للقطاع أن الأمم المتحدة تعمل على خطة تمتد لـ60 يوماً لتكثيف الإمدادات الغذائية وتوزيع مليون وجبة يومياً، إلى جانب إعادة تأهيل البنية الصحية والتعليمية.
ويستمر الوضع في غزة هشّاً ومتوتراً، وسط مخاوف دولية من انهيار وقف إطلاق النار الهش وعودة المواجهات العسكرية الشاملة، في وقت تسعى فيه الأطراف الدولية إلى إنقاذ ما تبقّى من الاتفاق وضمان استمراره لتخفيف معاناة المدنيين في القطاع.







































