في خطوة تؤكد مكانة الباحث المغربي في الساحة العلمية العالمية، تم اختيار الأستاذ الدكتور عبد السلام الإدريسي، الباحث في قسم الأحياء ومركز علوم الأعصاب التنموية، ضمن قائمة “أفضل 2% من العلماء في العالم” لعام 2025، التي تصدرها جامعة ستانفورد بالتعاون مع مؤسسة إلسيفير (Elsevier). ويأتي هذا التكريم تقديرًا لتأثير أبحاثه العلمية في مجالات الطب السريري وعلم الأعصاب، ولأثره المستدام في فهم صحة الدماغ واضطرابات النمو العصبي.
إن ما يميز هذا الإنجاز هو استمرار تفوق الدكتور الإدريسي للسنة الثانية على التوالي، حيث أصبح اسمه حاضرًا بين أكثر العلماء استشهادًا بأبحاثهم على مستوى العالم. ويعكس هذا الوضع التزامه العميق بالبحث العلمي والابتكار، وهو نموذج حي يوضح كيف يمكن للعلماء المغاربة أن يتركوا بصمة عالمية، مسهمين في نقل المعرفة وتحقيق تأثير علمي ملموس يتجاوز حدود الوطن.
احتُفل بهذا الإنجاز في كلية ستاتن آيلاند التابعة لجامعة مدينة نيويورك (CSI/CUNY)، بحضور كبار المسؤولين الأكاديميين، والقنصل العام للمملكة المغربية في نيويورك، محمد آيت بيهي. وقد شدد المتحدثون خلال الحفل على أهمية الدور الذي يلعبه أعضاء هيئة التدريس في دفع حدود البحث العلمي، وتعزيز التعاون الدولي، وتوفير بيئة خصبة للابتكار، مع تسليط الضوء على الإنجازات الاستثنائية للدكتور الإدريسي الذي أصبح جسرًا يربط بين الخبرات العلمية في الولايات المتحدة والمغرب.
وفي كلمة ملهمة، أعرب الدكتور الإدريسي عن امتنانه العميق للكلية وزملائه وطلابه، مؤكدًا أن هذا التكريم لا يمثل إنجازًا شخصيًا فحسب، بل هو تتويج للجهود الجماعية التي يبذلها مجتمع البحث العلمي. وأضاف أن القيم التعليمية والثقافية التي نشأ عليها في المغرب كانت حجر الأساس لرحلته العلمية، وأن نجاحه يعكس قدرة العلماء المغاربة على المنافسة عالميًا وترك أثر ملموس في مجالات تخصصهم.
يُظهر هذا الإنجاز أيضًا التزام جامعة ستانفورد ومؤسسة إلسيفير في تقديم تصنيف علمي دقيق للباحثين الأكثر تأثيرًا عالميًا، استنادًا إلى مؤشرات علمية موحدة تشمل عدد الاستشهادات ومؤشر h-index، وغيرها من المقاييس البيبليومترية. ويعزز هذا التصنيف أهمية البحث العلمي كأداة للتقدم العالمي، ويعكس التزام المؤسسات الأكاديمية برفع مستوى الأداء العلمي وتشجيع الباحثين على التميّز والابتكار.
على الصعيد المغربي، يمثل هذا التقدير العالمي فرصة ذهبية لتسليط الضوء على قوة البحث العلمي في المغرب، وضرورة دعم العلماء المغاربة في الخارج والداخل على حد سواء، لتوسيع نطاق التعاون الدولي، ونقل التجارب العلمية، وتعزيز الابتكار المحلي. إن تفوق الدكتور الإدريسي ليس مجرد إنجاز شخصي، بل شهادة حية على الدور الحيوي الذي يمكن للعلماء المغاربة أن يلعبوه في تطوير المعرفة العلمية، وبناء جسور التعاون بين الجامعات المغربية ونظرائها في الخارج.
في النهاية، يشكل تكريم الأستاذ الدكتور عبد السلام الإدريسي مصدر إلهام للأجيال القادمة من الباحثين، مؤكّدًا أن الطموح، والابتكار، والاجتهاد العلمي قادرون على خلق تأثير عالمي، وأن العلماء المغاربة يمتلكون الإمكانيات ليكونوا في طليعة العلم والبحث على المستوى الدولي.
ويظل من الضروري أن تولي الدولة والمؤسسات المغربية المعنية بمغاربة العالم اهتمامًا خاصًا بكل الكفاءات المغربية المنتشرة في الخارج، بعيدًا عن أي تهميش أو إقصاء، وأن يعمل المسؤولون على استقطاب هذه الطاقات ودعمها والتواصل المستمر معها. فهذه الكفاءات ليست مجرد أسماء في الخارج، بل هي سفراء للمغرب في مختلف المجالات العلمية والثقافية والمهنية، تدافع عن صورة الوطن وتشرفه على المستوى الدولي.
ويأتي هذا الاهتمام انسجامًا مع التوجيهات السامية لجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، الذي يحرص دائمًا على دعم مغاربة العالم وتمكينهم من الإسهام الفاعل في خدمة وطنهم، وتعزيز مكانته على الصعيد العالمي.







































