أكد تقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية لسنة 2024 أن المجلس يواصل لعب دور محوري في تعزيز حقوق الإنسان وحماية الحريات، تماشياً مع التوجيهات الملكية السامية وجهود المملكة في ترسيخ دولة الحق والقانون.
وبرز التقرير أن المغرب، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس، عمل على الانخراط الفعّال في المنظومة الأممية، وملاءمة التشريعات الوطنية مع الاتفاقيات الدولية، مع دعم الأدوار المؤسساتية ذات الصلة، وفي مقدمتها المجلس الأعلى للسلطة القضائية باعتباره فاعلاً أساسياً في ضمان الأمن القضائي وصون الحقوق الفردية والجماعية.
وحسب التقرير، ساهم المجلس خلال سنة 2024 في التفاعل المتقدم مع آليات الأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان، من خلال تزويدها بالمعطيات القضائية المرتبطة بمجال اختصاصه، وذلك في إطار دعم التزامات المملكة الدولية. وشمل ذلك إعداد المعلومات الخطية المتعلقة بتنفيذ توصيات اللجنة المعنية بحماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، والمساهمة في تنفيذ التوصيات الختامية للجنة القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، إلى جانب الإسهام في إعداد التقرير المرحلي الخاص بتتبع تنفيذ توصيات آلية الاستعراض الدوري الشامل لسنة 2022.
كما واصل المجلس دوره في دعم التعاون مع الآليات الأممية غير التعاهدية، من خلال التفاعل مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، والمشاركة في إعداد دراسات وتقارير على الصعيد الأممي، همّت مواضيع تتعلق بالحق في التنمية، واستقلال القضاء، وحقوق الإنسان في إقامة العدل، والعنف المبني على النوع، واقتناء الأسلحة النارية، وعقوبة الإعدام، والاستغلال الجنسي للأطفال. ويؤكد هذا الحضور النوعي مكانة المجلس كشريك مؤسساتي في الدبلوماسية الحقوقية للمملكة، المساهمة في تعزيز صورة المغرب كدولة منخرطة بجدية في حماية الحقوق والحريات.
وفي ما يتعلق بتعزيز ثقافة حقوق الإنسان، شارك المجلس في عدة ندوات ودورات تكوينية ومبادرات دولية خلال سنة 2024، بهدف تبادل الخبرات وتقوية القدرات المؤسساتية، وترسيخ ثقافة العدالة والمساواة في الممارسة القضائية.
وتطرق التقرير إلى تدبير موضوع الاعتقال الاحتياطي باعتباره أحد أبرز التحديات المرتبطة بالحقوق الأساسية، على اعتبار أنه إجراء استثنائي يمس الحق في الحرية الفردية. وأوضح أن السلطة القضائية اعتمدت سياسة ممنهجة تروم ترشيد اللجوء إلى هذا التدبير، والرفع من استعمال البدائل القانونية، مع تطوير منظومة رقمية لتتبع المعتقلين احتياطياً ورصد المؤشرات الإحصائية بدقة.
ورغم تسجيل ارتفاع في عدد السجناء من 64.833 سجينا سنة 2011 إلى 105.094 سنة 2024 (+62%)، أشار التقرير إلى أن عدد المعتقلين احتياطياً لم يرتفع بنفس النسبة، منتقلاً من 27.470 سنة 2011 إلى 33.405 سنة 2024 (+21,6%) فقط. كما سُجل انخفاض لافت خلال سنة 2024 بنسبة -13,35% مقارنة بسنة 2023. وبيّن التقرير أن نسبة الاعتقال الاحتياطي من مجموع الساكنة السجنية تراجعت بشكل تدريجي من مستويات تجاوزت 42% خلال الفترة 2011-2017، لتبلغ 31,79% فقط في نهاية 2024، بانخفاض قدره -30,44% مقارنة بسنة 2020، وهو ما يعتبر مؤشراً إيجابياً يعكس نجاح المقاربة القضائية الجديدة التي توازن بين ضمانات المحاكمة العادلة ومتطلبات الأمن القضائي.
وأبرز التقرير أن الاعتقال الاحتياطي يتركز أساساً في محاكم الاستئناف بنسبة 78,02% (26.063 معتقلاً احتياطياً من أصل 33.405)، مقابل 11,87% في المحاكم الابتدائية (3.966 معتقلاً احتياطياً)، و10,11% أمام محكمة النقض (3.376 معتقلاً احتياطياً)، مما يوضح أن اللجوء إلى هذا الإجراء يرتبط بشكل رئيسي بالقضايا ذات الطابع الخطير والمعقد المعروضة على غرف التحقيق والجنايات.
ويخلص التقرير إلى أن التدابير المتخذة على مستوى السياسة القضائية أسهمت في ترشيد الاعتقال الاحتياطي واستعماله حصراً في الحالات التي تستوجبها الضرورة، بما يعزز الثقة في العدالة ويؤكد التزام المغرب بالمعايير الدستورية والمرجعيات الدولية لحقوق الإنسان.







































