تعيش إيران واحدة من أخطر أزمات المياه في تاريخها الحديث، على خلفية جفاف غير مسبوق وتراجع حاد في التساقطات، ما دفع السلطات للتحذير من إمكانية الوصول إلى ما يُسمى “يوم الصفر”، وهو الموعد الذي قد تنفد فيه المياه الصالحة للاستعمال في العاصمة طهران. وتضم المدينة أكثر من 10 ملايين نسمة، وتعتمد بشكل أساسي على أربعة سدود رئيسية، من بينها واحد اقترب من الجفاف الكامل، وآخر لا تتعدى نسبة ملئه 10 في المائة، وفق ما ذكرته قناة الجزيرة استنادًا إلى معطيات رسمية.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن إيران تشهد “أسوأ جفاف منذ ما يقرب من ستة عقود”، معتبرة أن الأزمة الحالية نتيجة “عاملين رئيسيين يتمثلان في التغيرات المناخية وسوء تدبير الموارد المائية”، حيث أدى الإفراط في استغلال المياه الجوفية والاعتماد المكثف على الزراعة في مناطق جافة إلى استنزاف المخزون المائي. ووفقًا لوكالة رويترز، بدأت السلطات الإيرانية بالفعل في اتخاذ تدابير احترازية تشمل تقنين توزيع المياه خلال الليل ببعض الأحياء، وإطلاق حملة وطنية لترشيد الاستهلاك بنسبة 20 في المائة.
وفي تصريح مثير للجدل، حذر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، خلال لقاء نقلته قناة الجزيرة، من أنه “إذا لم تهطل الأمطار قريبًا، لن يكون هناك ماء على الإطلاق، وقد نُضطر إلى إخلاء العاصمة”. وأضاف أن “ترشيد الاستهلاك قد يؤجل الأزمة، لكنه لن يمنعها إذا استمرت الظروف المناخية الحالية”. وفي السياق نفسه، تحدثت قناة يورونيوز عن أن خيار نقل العاصمة إلى منطقة أخرى بات ضمن السيناريوهات المطروحة في حال تعذر معالجة الوضع، رغم صعوبة تنفيذه بالنظر إلى الكثافة السكانية والبنية التحتية المعقدة للمدينة.
غير أن مصادر حكومية نقلتها منصة News.Az قللت من احتمال اتخاذ قرار رسمي بالإخلاء في الوقت الراهن، موضحة أن السيناريو يبقى “افتراضيًّا ومرتبطًا بتفاقم الوضع المناخي”، فيما تعمل السلطات على بحث حلول تقنية بديلة، من بينها نقل المياه من مناطق بعيدة وتعزيز مشاريع التحلية. كما أشارت تقارير إعلامية، من بينها موقع Scientific American، إلى أن الإجراءات المستعجلة لن تكون كافية دون إصلاحات بنيوية في السياسة المائية.
وتؤكد مؤسسات دولية مختصة في أمن المياه أن إيران توجد أمام “لحظة حاسمة” تتطلب تحركات جذرية، سواء على المستوى المائي أو الزراعي، بينما يحذر خبراء من أن استمرار الجفاف خلال فصل الشتاء قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية واقتصادية واسعة النطاق. وفي ظل غياب حلول فعالة وسريعة، تظل احتمالية تشديد قيود المياه داخل العاصمة واردة، مع استمرار التحذيرات من أن أي تأخر في التساقطات قد يجعل الوضع أكثر تعقيدًا.







































