قال رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، اليوم الأربعاء، خلال جلسة مشتركة لمجلسي البرلمان خصصت لتقديم الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة، إن ما حققته التجربة المغربية من تطورات دستورية وديمقراطية وتنموية ودبلوماسية ورياضية وغيرها من مظاهر الإشعاع الحضاري، “لم تكن ممكنة لولا عمق الرؤية الملكية المتبصرة، التي طالما شكلت الدعامة المحورية لتكريس مقومات الدولة العصرية”.
وأضاف السيد أخنوش في معرض تقديمه لهاته الحصيلة طبقا للفصل 101 من الدستور، أنه في إطار هذه الرؤية الملكية الحكيمة، حققت الدبلوماسية المغربية عدة مكاسب في قضية الصحراء المغربية، وهو ما يعكسه توالي الاعترافات الدولية بمغربية الصحراء، كتتويج لوجاهة المقاربة الملكية في تدبير هذا النزاع المفتعل.
وأبرز أن هذه المقاربة الرصينة تسعى إلى جعل الأقاليم الجنوبية للمملكة فضاء جيو-سياسيا مرجعيا، حاملا للسلام والاستقرار والازدهار للمنطقة الأورو-إفريقية، “وهو ما مكن من حشد المزيد من الدعم الدولي لقضيتنا الوطنية الأولى ومبادرة الحكم الذاتي”.
كما تتيح جدية ومتانة الموقف المغربي في إطار المسلسل الأممي، يتابع رئيس الحكومة، إمكانيات واعدة لجعل الصحراء المغربية “مدخلا للعالم نحو إفريقيا، والمعبر الأساسي للتدفقات الاقتصادية والإنسانية تجاه دول جنوب الصحراء، اعتمادا على الرصيد التاريخي الغني الذي يطبع العلاقات والروابط بين المملكة وباقي شعوب إفريقيا وبالتالي تعزيز التموقع الاستراتيجي للمملكة في محيطها القاري، وخلق شروط أوسع وأقوى لجذب الاستثمارات العالمية الكبرى”.
وأشار السيد أخنوش في هذا السياق، إلى انخراط المملكة تحت القيادة الملكية السامية، في جيل جديد من الشراكات مع عدد من الدول الصديقة والشقيقة، والتي جسدها على سبيل المثال، نجاح المغرب رفقة كل من إسبانيا والبرتغال في نيل شرف التنظيم المشترك لكأس العالم 2030، “الذي يشكل فرصة متجددة لتعزيز التعاون والشراكة مع البلدين على كافة الأصعدة الرياضية والاقتصادية والحضارية”.
كما نوه رئيس الحكومة إلى أن إبرام اتفاقيات تفاهم وإعلان “شراكة مبتكرة ومتجددة وراسخة” للمغرب مع دولة الإمارات العربية المتحدة، شكل بدوره مناسبة لتطوير مختلف مجالات التعاون الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بين البلدين.
وأبرز أن هذه الدينامية توجت بإعلان جلالة الملك عن مبادرة دولية لتسهيل ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي، “والتي من المنتظر أن تساهم في تكريس البعد الإفريقي للمغرب، كأحد روافده الدستورية.”
وبعدما أشاد عاليا بعمق هذه المشاريع الملكية، أعرب السيد أخنوش عن استعداد الحكومة الكامل والتزامها بتعبئة إمكاناتها للمواكبة الفعلية لهذه الأوراش الكبرى، “سواء من حيث تعزيز جودة البنيات التحتية، أو من خلال مد جسور التعاون مع الدول الشريكة الصديقة والشقيقة”.
واستحضر في هذا الصدد، مبادرات ومواقف جلالة الملك تجاه القضية الفلسطينية، “التي تعتبر دليلا على أن المغرب -ملكا وشعبا- ملتزم بجعل هاته القضية قضية وطنية”.
على صعيد آخر، أكد السيد أخنوش المكانة الهامة التي أضحى يحتلها المغرب على الصعيد الدولي في المجال الحقوقي، معتبرا أن نجاحه في نيل رئاسة مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، “ما هو إلا تكريس للمسار الحقوقي للمملكة، وتعبير صريح من المنتظم الدولي عن الثقة والمصداقية التي تحظى بها بلادنا في هذا المجال” .
وفي نفس السياق الحقوقي، اعتبر السيد أخنوش أن إقرار جلالة الملك، ترسيم رأس السنة الأمازيغية كيوم وطني وعطلة رسمية مؤدى عنها، شكل لحظة تاريخية فارقة من شأنها أن تعزز المكتسبات الهامة التي حققتها الأمازيغية، منوها أيضا إلى أنه تجسيدا للعناية الكريمة التي ما فتئ يوليها جلالة الملك للنهوض بقضايا المرأة والأسرة بشكل عام، وحرصه الدائم على الحفاظ على تماسك الأسرة، دعا جلالته في الرسالة السامية الموجهة الى رئيس الحكومة بتاريخ 26 شتنبر 2023 لإعادة النظر في مدونة الأسرة، وأسند للهيئة المكلفة بمراجعة المدونة الإشراف العملي على إعداد هذا الإصلاح الهام، من خلال إجراءها لمشاورات واسعة، تنصت فيها إلى مقترحات الفاعلين المؤسساتيين وفعاليات المجتمع المدني العاملة في مجال حقوق الإنسان وحقوق المرأة والطفل والقضاة والخبراء والممارسين .
وأوضح رئيس الحكومة أن الرسالة الملكية السامية حددت أجل ستة أشهر لوضع نتائج جلسات الاستماع ورفع مقترحات التعديل المنبثقة عن المشاورات التشاركية الواسعة، إلى النظر السامي لأمير المؤمنين، والضامن لحقوق وحريات المواطنين، وذلك قبل إعداد الحكومة لمشروع قانون في هذا الشأن، وعرضه على مصادقة البرلمان.
وأفاد بهذا الخصوص أنه “أخذا بالتكليف الملكي السامي الذي تشرفت به، رفعت إلى المقام العالي لأمير المؤمنين، مقترحات تعديلات الهيئة التي توصلت بها، وفقا للموعد الذي حدده جلالة الملك، رمز إجماع الأمة والمعبر الأسمى عن الإرادة العامة”.
وخلص رئيس الحكومة إلى القول “لكل هذا نحن مدينون لجلالته، حفظه الله، بما أنجزته بلادنا من نهضة وطنية على كافة الأصعدة، وتتشرف الحكومة بأن تتحمل أمانة المسؤولية في تنفيذ التوجيهات الملكية السامية والقيام بها على الوجه الأكمل”.