تميزت الاحتفالات بذكرى ربع قرن على تربع الملك محمد السادس داخل قلوب و عقول شعبه العزيز…بمدخل إنساني قوي وعطف ” كبير العائلة المغربية ” لفائدة صحافيين و ناشطين حقوقيين و مدونين و تمتيعهم بعفو ملكي أثلج صدور عائلاتهم و زملائهم في الحقل الإعلامي و الحقوقي…
فالمغرب يحتاج لكل أبناءه داخل الوطن ومن مغاربة العالم…كما يقول جلالته دائما خاصة أمام تحديات العصر الحالي و ملفات ساخنة بخصوص التنمية المجالية و التماسك الجماعي و الدينامية الإيجابية بخصوص مغربية الصحراء…و من ضمن تلك الإشكالات هناك الماء و التغييرات المناخية…خاصة وأن المغرب تعرض أكثر من مرة لفترات جفاف خطيرة واجهها الملك الحكيم المغفور له الحسن الثاني بسياسة بناء السدود التي جنبت المغرب نتائج وخيمة على مستوى الماء الصالح للشرب أو الثروة الحيوانية و الغابوية…
وهو انشغال ملكي تؤرخه رسالة سامية للملك محمد السادس في ابريل من سنة 2000 الى المجتمعين في ندوة الجماعات الترابية… و توقيع الاتفاقية الاطار في يناير 2020 لإنجاز البرنامج الوطني للماء الصالح للشرب و السقي 2020/2027 مع تخصيص غلاف مالي يقدر ب 115.4 مليار درهم…حيث تم الحديث عن مكونات العرض المائي ( السدود وتدبير الطلب و تثمين الماء في القطاعةالفلاحي و تقوية التزويد بالماء الصالح للشرب استكشاف المياة الجوفية….) وتم التطرق لإشكالية نذرة الماء في افتتاح البرلمان في أكتوبر من سنة 2022 و ما تلى ذلك من جلسات ترأسها رئيس الــدولــة المغربية (ماي 2023) لتتبع البرنامج الوطني للتزويد بالماء الصالح للشرب و السقي…
ثم جلسة يناير 2024 و التي طرحت الوضع الحقيقي لاشكالية الماء في فترات جفاف قوي أثر في نسبة ملء السدود وفي الإنتاج الفلاحي و فرص العمل..و حث ملك البلاد في ذات الجلسة بمضاعفة اليقظة ورفع الجهود لتحدي الأمن المائي و ضمان الماء الصالح للشرب لكافة المواطنين….و محاربة جميع أشكال التبذير و الاستخدامات الغير المسؤولة…
ولأن جلالة الملك محمد السادس عودنا لغة المكاشفة و الصراحة..فقد كان خطاب العرش لسنة 2024 مناسبة جديدة لضح جرعة قوية من اليقظة و إبداع الحلول و الحكامة في التدبير…أمام تعقد الوضعية المائية بعد 6 سنوات من الجفاف وارتفاع الطلب و كذا التاخير في إنجاز بعض المشاريع المبرمجة في إطار السياسة المائية…
لقد أعلن خطاب العرش عن هدف استراتيجي جديد وهو ضمان الماء الشروب لجميع المواطنين و توفير 80% من احتياجات السقي…و هو ما يعني ضرورة استكمال برنامج بناء السدود و التحيين المستمر لآليات السياسة الوطنية للماء وتسريع انجاز مشاريع ربط الأحواض المائية و تسريع إنجاز محطات تحلية مياه البحر و توسيع محطة التحلية بمدينة الداخلة بالصحراء المغربية… و بالتوازي مع ذلك تسريع إنجاز مشاريع الطاقات المتجددة..من جهة و العمل على تطوير صناعة
تحلية الماء من خلال العمل الأكاديمي و البحث العلمي في أفق تكوين مهندسين و تقنيين متخصصين في مجال تحلية مياه البحر…و خلق مقاولات وطنية مختصة في مجال الماء في أفق دعم الأمن المائي..
ولأن الماء هو مِلك عمومي لكل المواطنين ، فإن المحافظة عليه و حكامة تدبيره…هي مسؤولية وطنية…و أضاف ذات الخطاب بأنه لا مجال للتأخير أو التهاون أو التبدير في قضية مصيرية…بالمقابل دعى السلطات الى تفعيل شرطة الماء…لأن المحافظة على الماء هي أمانة في أعناقنا جميعا…
لقد حرص ” كبير العائلة ” على تقديم هدية العيد بمناسبة مرور ربع قرن على تعاقد اجتماعي و روحي بين العرش و الشعب…بطعم العغو والصفح و فتح صفحة حقوقية و إنسانية جديدة…و بطعم اليقظة و المسؤولية الوطنية الجماعية في أفق تحقيق هدف استراتيجي و سيادي أي ضمان الماء الصالح للشرب لكل المواطنين..فشكرا جزيلا يا صاحب الجلالة على هدية العيد…