اختتمت فعاليات الدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، يوم الأحد 27 أبريل 2025، بمدينة الرباط، بلقاء فكري مميز استضافه رواق مؤسسة “أفرا للدراسات والأبحاث”، حيث قدّم الكاتب والباحث المغربي الشاب لحسن وحي توقيع كتابيه الجديدين وسط حضور نوعي من المهتمين بالفكر والفن الرمزي.
ويتعلّق الأمر بإصدارين حديثين صدرا عن المؤسسة ذاتها:
“تجارب التفلسف في الفكر المغاربي المعاصر: محمد الدكالي نموذجًا”
“العابث الثاني: بُحبُوحة الطفولة ورمزية الفضاء السينمائي – فيلم خيط الروح لحكيم بلعباس نموذجًا”
في تصريح خصّ به الحاضرين خلال حفل التوقيع، عبّر وحي عن طبيعة مشروعه الكتابي بقوله: “كل ما أكتبه هو محاولات معلّقة على مشنقة العبث؛ عبثٌ يسعى إلى الخروج من ضيق المعنى إلى رحابة الرمزية”، مضيفًا أن أعماله تسعى لاستعادة الأسئلة الكبرى للفكر، أكثر مما تبحث عن إجابات نهائية، مستلهمًا في ذلك روح الفيلسوف هايدجر.
تكريم رمزي للفكر المغاربي
الكتاب الأول يرصد تجربة المفكر المغربي محمد الدكالي، أحد أبرز الوجوه الفلسفية في المنطقة المغاربية، من خلال ما أسماه وحي “تجربة التفلسف كرؤية وجودية”. ويجمع المؤلَّف بين الجانب التوثيقي عبر الحوارات والمقالات، والجانب الرمزي في استحضار شخصية الدكالي كمثال للفيلسوف الذي يمارس الفكر كتجربة روحية خالصة.
السينما كفضاء رمزي
أما الكتاب الثاني، فيُمثّل قراءة رمزية لفيلم “خيط الروح” للمخرج حكيم بلعباس، حيث اشتبكت فيه عناصر الطفولة، والذاكرة، والمكان، في تأويل فلسفي يتجاوز ظاهر الصورة السينمائية نحو عمقها الرمزي. وحي وصف هذه التجربة بكونها “محاولة أنثرو-رمزية لإعادة بناء العلاقة بين الذات والفضاء والذاكرة عبر الصورة”.
وأوضح أن ما يميز بلعباس هو تجاوزه لسردية “التعاطف مع المكان” إلى “الحفر فيه”، مبرزًا قدرة الفيلم على إعادة تشكيل الوعي من خلال زوايا بصرية تتجاوز الزمن والخطاب التقليدي.
رهانات فكرية وفنية
وعن رهاناته الفكرية، أكد الكاتب أن مشروعه يسعى إلى إحياء الرمزية داخل الحقول الفنية والكتابية، ومجاورة الفكر بالفن باعتبار الفن وسيطًا يعيد تشكيل علاقة الإنسان بالعالم. كما أشار إلى تأثير مجموعة من الفنانين والباحثين الذين شاركوه هذا التوجّه، منهم بدر التديلي، خالد آيت حماد، وعائشة المشرحي.
رمزية من عمق الفلسفة
في ختام اللقاء، استحضر لحسن وحي مقولة للفيلسوف الألماني إرنست كاسيرر: “ليس التذكّر إعادة، إنما ولادة الماضي من جديد…”، وأضاف إليها قولًا للفيلسوف محمد الدكالي: “إن الفلسفة فكرٌ حر، وليست خادمة لأحد.”
بهذا التوقيع، تكون الدورة الحالية للمعرض قد ختمت على نَفَسٍ رمزي وفلسفي بامتياز، يعكس تنوّع وغنى المشهد الثقافي المغربي المعاصر.







































