في تحذير جديد يحمل دلالات خطيرة على مستقبل كوكب الأرض، أكد علماء ومراكز بحثية دولية أن الغطاء السحابي الذي يشكل درعاً طبيعياً يحمي الأرض من أشعة الشمس الحارقة، يشهد تراجعاً ملحوظاً ومستداماً، ما يعزز من تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري وتغير المناخ، مع تداعيات بيئية واجتماعية واقتصادية واسعة النطاق.
الغطاء السحابي: خط الدفاع الأول ضد الاحتباس الحراري
تلعب السحب الكثيفة والمنخفضة دوراً محورياً في تنظيم حرارة الكرة الأرضية من خلال عكس نسبة كبيرة من أشعة الشمس إلى الفضاء، مما يقلل من كمية الطاقة الحرارية الممتصة من قبل سطح الأرض. ويعتبر هذا التوازن الطبيعي أحد أهم عوامل استقرار المناخ والحفاظ على الظروف الملائمة لاستمرار الحياة.
مؤشرات التراجع: ماذا أظهرت الدراسات؟
تحليل طويل الأمد لبيانات الأقمار الصناعية، أجري بمشاركة وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” وعدة مؤسسات بحثية، كشف عن انخفاض مستمر في نسبة السحب الكثيفة العاكسة لأشعة الشمس بمعدلات تتراوح بين 1.5% و3% لكل عقد من الزمن خلال العقود الأخيرة. هذا التراجع ساهم في جزء كبير من الارتفاع القياسي في درجات الحرارة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة.
وفي تقرير نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية في يونيو 2025، تم التأكيد على أن هذا الانخفاض في الغطاء السحابي يشكل أحد المحركات الرئيسة لتفاقم أزمة المناخ العالمية.
وفي سياق متصل، كشفت دراسة ألمانية حديثة، تناولتها صحيفة “التايمز”، أن تقلص السحب المنخفضة التي تعمل كدرع تبريدي طبيعي، كان مسؤولاً عن زيادة متوسط درجة حرارة الأرض بمقدار 0.2 درجة مئوية خلال عام 2023، وهو ارتفاع له تأثير كبير على الأنظمة البيئية والبشرية.
وأظهرت أبحاث علمية منشورة في مجلات مختصة مثل “Geophysical Research Letters” و”Atmospheric Chemistry and Physics” أن ارتفاع قاعدة السحب يؤدي إلى زيادة تبخر الماء داخلها، ما يقلل من كثافتها وتغطيتها، ويعزز بالتالي ظاهرة الاحتباس الحراري.
تداعيات بيئية حادة
يُحذر العلماء من أن استمرار تقلص الغطاء السحابي قد يؤدي إلى:
تسريع ذوبان الأنهار الجليدية والثلوج في المناطق القطبية، مما يرفع منسوب البحار ويهدد المناطق الساحلية بالسكنى والزراعة.
زيادة وتيرة وشدة موجات الحر، مما يعرض صحة الإنسان والأنظمة البيئية لضغوط متزايدة.
اضطراب النظم البيئية والزراعية، مع تبعات سلبية على الأمن الغذائي العالمي.
تغييرات في أنماط الطقس والمناخ تزيد من احتمال وقوع كوارث طبيعية متكررة.
الأسباب والدعوات العالمية للتحرك
يربط العلماء هذه الظاهرة المعقدة بعدة عوامل، أبرزها الانبعاثات المرتفعة لغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط الصناعي، بالإضافة إلى التغيرات في حرارة المحيطات والرياح وأنماط الرطوبة الجوية التي تؤثر بشكل مباشر على تكوين السحب.
في ضوء هذه المخاطر، تدعو المؤسسات العلمية والخبراء إلى تحرك دولي عاجل ومتضافر، يشمل تقليص الانبعاثات الكربونية، وتطوير الطاقات المتجددة، وتعزيز البحث العلمي لفهم أعمق وآليات تنبؤية أفضل لتغيرات الغطاء السحابي وتأثيراتها على المناخ العالمي.







































