كيف يعيد فيلم سوبرمان 2025 تشكيل صورة البطل؟

القضية بريس18 يوليو 2025آخر تحديث : منذ 5 أشهر
القضية بريس
فن وثقافة
كيف يعيد فيلم سوبرمان 2025 تشكيل صورة البطل؟
كريم حدادي

كنا ننتظر ظهوره بشغف، ذلك البطل الذي يطير في السماء وينقذ العالم دون أن يمسّه الشر. لم يكن “سوبرمان” مجرد رسوم متحركة في طفولتنا، بل كان حلمًا يلمع في أعيننا كلما نظرنا إلى السماء. وها هو يعود… لكن بشكل لم نره من قبل.

 

في فيلم “سوبرمان 2025″، يعود البطل الأيقوني إلى الشاشة الكبيرة بحلّة جديدة تعيدنا إلى جوهر شخصيته الأصلية، كما تخيّلها مبتكراه جيري سيجل وجو شوستر. هنا، يظهر سوبرمان ككائن خارق من عالم آخر، يجمع بين الصفات شبه الإلهية والإنسانية المثالية، متجسدًا في شخصية تحرص على حماية الضعفاء بدافع الرحمة، لا الانتقام أو الكراهية.

 

يمتاز الفيلم بتوجه مختلف عن العروض الحديثة التي تميل إلى تصوير الأبطال كآلات حرب؛ فـسوبرمان يرفض اللجوء إلى القتل أو العنف المفرط، محافظًا على صورة البطل الذي لا يحمل سلاحًا ولا يسمح لغضبه بالتحكم في قراراته. هذه العودة إلى الأصول الكلاسيكية تُبرز الجانب الإنساني في شخصيته، ما يجعله نموذجًا نادرًا في زمن تطغى فيه مشاهد العنف.

 

تتعمق القصة أيضًا في أبعاد عاطفية مميزة، كما يتضح في مشهد يختار فيه سوبرمان تسليم نفسه للأعداء لإنقاذ كلب لا يخصه، بل يعود إلى ابنة عمه “سوبرجيرل”. هذا التصرف يعكس عمق شعوره بالمسؤولية والرحمة، مؤكدًا أن البطولة لا تقتصر على القتال، بل تشمل الاهتمام بالتفاصيل الصغيرة والتعاطف مع الكائنات الضعيفة.

 

تتصاعد الأحداث لتصل إلى صراع بين سوبرمان وقوى همجية تهاجم شعبًا مظلومًا، في سياق يستحضر أوضاعًا سياسية معاصرة دون تصريح مباشر، ما أثار جدلًا واسعًا بين المشاهدين ووسائل الإعلام. فقد انتقدت بعض التيارات الفيلم، معتبرة أن شخصية سوبرمان تظهر فيها علامات “الضعف”، بينما أشاد آخرون برسالة السلام التي يحملها العمل.

IMG 20250718 WA0105 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

رغم إدخال عدة شخصيات من عالم DC مثل “سوبرجيرل”، و”جرين لانترن”، و”مستر تريفيك”، فإن تعدد الخطوط الدرامية قد يسبب أحيانًا بعض التشويش في الحبكة، لكنه لا يمنع الفيلم من الحفاظ على وتيرة متوازنة بفضل إخراج جيمس جان، الذي يجيد خلق توازن بين مشاهد الحركة والتعمق في المشاعر الإنسانية، مدعومًا ببصريات وموسيقى تضيفان بعدًا جماليًا للأحداث. كما تضفي شخصية الكلب “كريبتون” لمسة من الخفة والمرح، تُوازن جدية الموضوعات المطروحة.

 

تطرح الحبكة أيضًا أزمة هوية يعاني منها سوبرمان، حين يتهمه البعض بأن هدفه هو تدمير الأرض لا إنقاذها. غير أن الفيلم يؤكد أن الأصل لا يحدد الإنسان، بل خياراته وقيمه التي يلتزم بها. هذه الرسالة التربوية العميقة تعكس فكرة أن الخير الحقيقي يُقاس بالأفعال لا بالأنساب.

 

يبرز سوبرمان في هذا العمل كبطل أخلاقي بامتياز؛ لا يلجأ إلى الانتقام أو القتل، حتى لأعدائه اللدودين مثل لوثور، بل يسلمهم للعدالة. وفي مشهد ختامي يرفض فيه القضاء على وحش عملاق، مفضّلًا نقله إلى محمية طبيعية، يتجلى موقفه الأخلاقي الذي يشكّل جوهر الفيلم.

 

“سوبرمان 2025” ليس مجرد عودة لشخصية محبوبة، بل هو محاولة جادة لإعادة تعريف البطولة في السينما الحديثة، بعيدًا عن العنف المفرط، مقدّمًا نموذجًا يعتمد على الرحمة، والعقل، والمسؤولية. وربما يكون هذا التوجه الجديد هو ما تحتاجه ثقافة الأبطال الخارقين في عصرنا.

الاخبار العاجلة