في ظل موسم مائي غير منتظم، يواصل المغرب مواجهة أزمة الجفاف التي باتت تمثل تهديدًا واضحًا للأمن المائي والغذائي، في وقت تتزايد فيه الضغوط على القطاعات الحيوية وعلى قدرة الدولة على توفير المياه للزراعة والاستهلاك اليومي.
بحسب معطيات حديثة للمديرية العامة لهندسة المياه، بلغت نسبة ملء السدود في البلاد 37.1% بتاريخ 12 يوليوز 2025، وهو مؤشر مقلق يعكس تراجعًا واضحًا في المخزون المائي، رغم الأمطار التي عرفها ربيع هذا العام. فبعض السدود كانت قد اقتربت من الامتلاء الكامل خلال أبريل، لكنها سرعان ما شهدت تراجعًا حادًا في منسوبها خلال الأسابيع الأخيرة.
وقد صرّح الدكتور محمد سعيد قروق ، أستاذ علم المناخ بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن “المغرب بلد جاف بطبيعته، والجفاف لم يعد استثناء بل أصبح القاعدة”، مشددًا على أن الأزمة الحالية ليست موسمية أو ظرفية، بل تعبير عن تغيّر مناخي هيكلي يعيد رسم معالم الأمن المائي للمملكة.
الجفاف، بحسب المؤشرات، لم يعد حالة طارئة، بل امتد لست سنوات متتالية، وهو ما تسبب في استنزاف متسارع للفرشات المائية. أما على مستوى التساقطات، فقد سجلت الأرقام الرسمية لهذا الموسم انخفاضًا بلغ 53% عن المعدل السنوي المعتاد، وهو ما يمثل أقل من خُمس المعدل الضروري لتأمين حاجيات البلاد.
تداعيات هذا الوضع طالت بشكل مباشر قطاع الثروة الحيوانية، حيث تقلصت أعداد رؤوس الماشية بنسبة 38% منذ سنة 2016. وللتخفيف من آثار الأزمة، لجأت الحكومة إلى إعفاءات جمركية وضريبية على واردات اللحوم، كما قامت باستيراد أكثر من 100 ألف رأس من الغنم والبقر خلال الشهور الماضية، لتأمين السوق وتفادي نقص المواد الغذائية.
ورغم خطورة الوضع، تسعى الدولة إلى مواجهة هذا التحدي برؤية استراتيجية طويلة الأمد. فقد تم تشغيل 17 محطة لتحلية مياه البحر، مع 4 أخرى في طور الإنجاز، و9 محطات إضافية مبرمجة في أفق 2030، بطاقــة إجمالية تصل إلى حوالي 1.7 مليار متر مكعب سنويًا. كما أطلقت الحكومة مشروع “الناقل المائي” الضخم، بتمويل إماراتي، إلى جانب استثمارات في الطاقات المتجددة لربط المحطات بشبكات الكهرباء النظيفة وتقليص كلفة الإنتاج.







































