تعيش ساكنة دوار تامدا بجماعة المنيزلة منذ سنوات طويلة على وقع معاناة يومية بسبب وضعية الأزقة والشوارع، خاصة خلال فصل الشتاء حيث تتحول الطرق إلى مستنقعات تعيق مرور السكان وتثقل كاهلهم في حياتهم اليومية. ويعتبر غياب البنية التحتية الملائمة من أبرز العوائق التي تدفع الشباب إلى الهجرة وتؤثر على استقرار الأسر، في وقت يترقب فيه الجميع مشاريع رسمية من شأنها أن تنهي هذه المعاناة وتمنح الدوار صورة تليق به.
أمام هذا الواقع المرير، تحركت إرادة المجتمع المدني لتملأ الفراغ الذي طال انتظاره، حيث بادر أبناء دوار تامدا، من خلال جمعية شباب تامدا للثقافة والرياضة والأعمال الاجتماعية، إلى إطلاق مبادرة تطوعية فريدة، لم تكن مجرد أشغال تبليط للأزقة، بل كانت تجسيدًا حيًا لقيم الانتماء والتضامن وروح المسؤولية الجماعية. انخرط الجميع في هذه المبادرة، رجالًا ونساءً وأطفالًا، في عمل جماعي موحّد أعاد الأمل إلى القلوب وأكد بأن التغيير ممكن عندما تتحد الإرادة والعزيمة، وتصبح يد كل فرد في خدمة تحسين حياة الجميع.
وفي تصريح لـ القضية بريس، أوضح أمين الجمعية، عمر أمحضار: هذه المبادرة جاءت استجابة للمشاكل التي يعانيها السكان وسط الأزقة، خاصة في وقت الشتاء. نريد بنية تحتية تليق بالدوار وتشجع على الاستقرار، لأن توفير الطرق والماء والكهرباء وشبكة الاتصال هو أبسط ما يستحقه السكان. لكن اليد الواحدة لا تصفق، وإمكانات الجمعية محدودة، لذلك نحن نعتمد على روح التضامن ومساهمة المحسنين الذين لبّوا النداء وساهموا في هذا المشروع الكبير الذي تبناه الجميع.
وفي مقابل تصريح أمين الجمعية، أكدت رئيسة جماعة المنيزلة، خديجة خلضنت، في تصريح مطوّل للجريدة، أن مشروع تبليط أزقة دوار تامدا مبرمج ضمن مخطط الجماعة، مشيرة إلى أن التنفيذ سينطلق فور التوصل بالاعتمادات المالية المخصصة من الجهات المختصة. وأوضحت أن “الجماعة لا تنفذ أي مشروع خارج المساطر القانونية والتقنية المعمول بها، حرصًا على ضمان الجودة وحسن تدبير المال العام”.
وبخصوص دعم الجمعيات، أفادت خلضنت أن الميزانية العامة للجماعة تبلغ حوالي 250 إلى 260 مليون سنتيم، منها 37 مليون سنتيم مخصصة للموظفين، و50 مليون سنتيم لدعم الجمعيات، إضافة إلى مصاريف التسيير. غير أن الاستفادة من الدعم – تضيف المتحدثة – مشروطة بتوقيع اتفاقيات سنوية وتقديم تقارير محاسباتية دقيقة، ولا يمكن صرف أي مبلغ خارج هذه الضوابط.
وشددت رئيسة الجماعة على أن “الدعم يُبرمج خلال الدورة المخصصة لشهر أكتوبر من كل سنة، ولا يمكن إدراجه أو صرفه في وقت لاحق”، مبرزة أن “قلة فقط من الجمعيات هي التي تقدمت بطلباتها داخل الآجال القانونية، وهو ما يفسر اقتصار الاستفادة على عدد محدود منها”.

أما بخصوص المبادرات التطوعية التي أطلقها بعض سكان الدوار في مجال التبليط، فقد اعتبرت خلضنت أنها “تعكس روح التضامن والرغبة في تحسين أوضاع الساكنة”، لكنها في الوقت ذاته تفتقد للجانب التقني، مما قد يؤدي إلى أشغال غير متينة أو غير مطابقة للمعايير. وأضافت: “لهذا السبب نحن حريصون على أن يتم تنفيذ مشاريع التبليط في إطار رسمي وتحت إشراف تقني متخصص، حتى لا تتحول الجهود المبذولة إلى خسائر مالية أو أعمال غير ناجعة”.
وختمت رئيسة جماعة المنيزلة تصريحها بالتأكيد على أن المجلس الجماعي “ملتزم بإنجاز جميع المشاريع المبرمجة، وعلى رأسها مشروع تبليط أزقة دوار تامدا، في إطار القانون وبما يضمن مصلحة الساكنة”.
وبين المبادرة التطوعية التي يقودها شباب الدوار والجمعيات المحلية من جهة، والبرمجة الرسمية للجماعة من جهة أخرى، يبقى الأمل معقودًا على تضافر جهود الجميع لتسريع وتيرة إنجاز مشاريع البنية التحتية، وتمكين سكان تامدا من حياة كريمة تليق بتضحياتهم وانتظاراتهم.







































