أكد السفير الممثل الدائم للمملكة المغربية لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، أن المغرب استعاد أقاليمه الجنوبية من الاستعمار الإسباني قبل خمسين عاماً عبر مفاوضات قانونية تحترم ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، مشدداً على أن مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب ليست حلاً أحادياً، وإنما إطار تفاوضي منفتح ضمن العملية السياسية الأممية.
جاء ذلك في مداخلة هلال أمام اللجنة الرابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث أبرز أن الصحراء المغربية أصبحت اليوم أرضاً للوحدة والسلام والتنمية الشاملة، مشيراً إلى أن المغرب انخرط منذ سنة 1975 في تنمية الأقاليم الجنوبية بمعزل عن مسار العملية السياسية، في إطار ممارسة حقه المشروع في التنمية لفائدة ساكنة المنطقة. وأوضح أن المملكة تستعد للاحتفال يوم 6 نونبر المقبل بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء التي مكنت من عودة الصحراء المغربية إلى الوطن الأم عقب مفاوضات مع القوة الاستعمارية السابقة وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.
وعبر السفير هلال عن أسفه لتصريحات بعض الدول الأعضاء التي لا تتماشى مع جهود مجلس الأمن للتوصل إلى حل سياسي وواقعي للنزاع، مؤكداً أن الصحراء مغربية منذ الأزل وستظل كذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأشار إلى أن الصحراء المغربية أصبحت نموذجاً للتنمية المستدامة، إذ تعرف دينامية اقتصادية واجتماعية متسارعة بفضل مشاريع كبرى من قبيل ميناء الداخلة الأطلسي، والطريق السريع تيزنيت – الداخلة، ومحطات الطاقات المتجددة، فضلاً عن الجامعات والمستشفيات والأقطاب التكنولوجية، مع الإشارة إلى أن الناتج الداخلي الفردي في الأقاليم الجنوبية يعد من بين الأعلى في المملكة.
وأكد هلال أن مفهوم تقرير المصير، كما تعترف به الأمم المتحدة، لا يمكن تأويله كحق في الانفصال، بل هو حق يمكن ممارسته في إطار سيادة الدولة عبر الحكم الذاتي الذي يضمن للساكنة المحلية تدبير شؤونها بشكل ديمقراطي موسع، بما في ذلك برلمان منتخب وسلطة تنفيذية تمثيلية وهيئة قضائية مستقلة، بما يتماشى مع القانون الدولي ومعايير حقوق الإنسان.
وأشار السفير المغربي إلى أن عدداً متزايداً من دول العالم يدعم مبادرة الحكم الذاتي عن قناعة راسخة بأنها الحل الوحيد الجاد وذي المصداقية لإنهاء النزاع، مستشهداً بما ورد في الخطاب الملكي بمناسبة عيد العرش ليوم 29 يوليوز 2025، حيث أكد الملك محمد السادس اعتزازه بالدعم الدولي المتزايد لمبادرة الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع حول الصحراء المغربية. وأكد هلال أن هذا الدعم المتنامي ليس ظرفياً، بل يعكس اعترافاً واضحاً بعدالة ومشروعية المبادرة المغربية، كما تؤكد ذلك قرارات مجلس الأمن المتتالية.
وشدد الدبلوماسي المغربي على أن الأقاليم الجنوبية أصبحت واحة للأمن والاستقرار والتنمية المشتركة ومحوراً لمبادرات ملكية كبرى مثل المبادرة الأطلسية من أجل نمو تضامني لبلدان إفريقيا الأطلسية، ومشروع أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب، ومبادرة الساحل من أجل التنمية والسلام. وتوجه بنداء صادق إلى الأطراف التي تستغل معاناة المحتجزين في مخيمات تندوف، داعياً إلى وضع حد لهذا الوضع الإنساني المؤلم والسماح لهؤلاء بالعودة إلى وطنهم الأم بكرامة والمساهمة في تنمية الصحراء المغربية.
واختتم السفير عمر هلال كلمته بالتأكيد على التزام المملكة المغربية الثابت تجاه الأمم المتحدة، وعلى سياسة اليد الممدودة التي ينهجها الملك محمد السادس تجاه الجزائر، داعياً إلى حل سياسي واقعي ودائم قائم على التوافق وتحت الرعاية الحصرية للأمم المتحدة، مستذكراً دعوة الملك في آخر خطاب للعرش إلى حل توافقي لا غالب فيه ولا مغلوب يحفظ ماء وجه جميع الأطراف، باعتباره السبيل الأمثل لإنهاء النزاع الإقليمي المفتعل.
