حين تكلمت الصحراء بصوت الأثير: “مدينة إف إم” في قلب القرار الأممي 2797

القضية بريس1 نوفمبر 2025آخر تحديث : منذ شهر واحد
القضية بريس
فن وثقافة
حين تكلمت الصحراء بصوت الأثير: “مدينة إف إم” في قلب القرار الأممي 2797

في زمنٍ تتقاطع فيه الحقائق والمصالح، وتتنازع فيه الأصوات على رواية التاريخ، ينهض المغرب اليوم واثق الخطى، مرفوع الرأس، بعد أن كرس القرار الأممي رقم 2797 مشروعية موقفه وثبات حجته في قضية الصحراء المغربية.

 

لم يكن القرار مجرد انتصار دبلوماسي عابر، بل لحظة حاسمة أكدت أن من يمتلك الشرعية والمشروعية والمصداقية، يمتلك المستقبل. وفي خضم هذا الانتصار، لم يكن الإعلام الوطني غائباً أو متفرجاً، بل كان في قلب المعركة، يصوغ الوعي، ويحصّن الذاكرة، ويعيد تعريف معنى الانتماء في وجه ضجيجٍ لا يعرف إلا التزييف والتشويش.

 

من بين الأصوات التي ارتقت إلى مستوى اللحظة، جاء صوت إذاعة مدينة إف إم، ليؤكد أن الإعلام المغربي، حين يستمد قوته من الوطن، يصبح أكثر من منبرٍ للأخبار؛ يصبح منصةً للوعي الجمعي، وفضاءً للدفاع الهادئ والعميق عن الثوابت. لقد اختارت الإذاعة ألا تكون ناقلاً محايداً، بل شاهداً وطنياً واعياً، يربط بين القرار الأممي والوجدان الشعبي، بين الموقف الدبلوماسي وصوت المواطن الذي يرى في كل نجاح دبلوماسي امتداداً لكرامته وهويته.

IMG 20251101 WA0120 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

بهندسة مهنية رفيعة، وجرأة فكرية متزنة، بثت مدينة إف إم برنامجاً خاصاً جمع بين التحليل الأكاديمي والرؤية الاستراتيجية، بين حرارة الميدان وعمق الفكرة، فتحولت لحظة البث إلى درس في الوطنية، حيث التقت الأصوات الأكاديمية والخبرات الدبلوماسية لتشرح للعالم بلغة العلم والسياسة لماذا انتصر المغرب، وكيف استطاع أن يحوّل قضية مفتعلة إلى نموذجٍ في الشرعية والاعتراف الدولي. لقد كان صوت الأستاذ محمد عطيف يضع النقاش في إطاره القانوني، وصوت البراق شادي عبد السلام يحلل توازنات القوة في المنطقة، وصوت رضوان جخا يربط بين القرار الأممي وموقع المغرب في الخارطة الدولية، فكانت النتيجة خطاباً وطنياً متماسكاً لا مكان فيه للشعارات، بل للحجة والإقناع والوضوح.

 

لكن ما منح هذه التجربة بعدها الإنساني العميق هو انفتاحها على الناس. فقد فتحت الإذاعة خطوطها أمام المستمعين من الشمال إلى الجنوب، من الداخل إلى الجاليات المغربية بالخارج، فكان صدى الفخر واضحاً في كلماتهم، وتجلّت روح الانتماء في لهجاتهم، ليصبح الأثير مرآةً تعكس وحدة الوطن وتماسك وجدانه. هناك، على الموجات التي تجمع ولا تفرّق، تحوّل المواطن من متلقٍ إلى مشارك، ومن مستمعٍ إلى شاهدٍ على لحظة وطنية تُكتب بحبر الدبلوماسية وبصوت الشعب.

IMG 20251101 WA0122 1 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

وحين جاء الخطاب الملكي السامي، كان بمثابة تاجٍ لهذا الزخم الإعلامي والسياسي، إذ أعاد جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، صياغة معادلة القوة المغربية: السيادة لا تُناقش، والتنمية لا تتوقف، والحوار لا يُرفض. فالمغرب، كما قال جلالته، لا يسعى إلى التوتر، لكنه لا يقبل المساس بحقوقه. لا يغلق الأبواب، لكنه لا يفرط في المبادئ. وهنا بالضبط يتجلى دور الإعلام الوطني، ليس في إعادة ترديد ما قيل، بل في ترجمة الخطاب الملكي إلى وعيٍ يومي، وسلوكٍ وطني، وثقافةٍ مستمرة في الدفاع الراقي عن القضية الأولى للمغاربة.

 

لقد أثبتت مدينة إف إم، من خلال هذه التغطية، أن الإعلام يمكن أن يكون مؤسسة سيادية بامتياز، حين يعرف أين يقف ولمن يتكلم. في عالمٍ تذوب فيه الحقائق بين أصوات المصالح، يصبح الإعلام الوطني هو الجدار الأخير للدفاع عن الذاكرة، والسلاح الأول لصناعة الصورة. فالكلمة، حين تُكتب بإخلاص، تصبح جبهة. والصوت، حين يُرفع بصدق، يصبح راية.

 

وهكذا، فإن معركة الصحراء المغربية لا تُخاض فقط في أروقة مجلس الأمن، بل تُخاض أيضاً في فضاءات الأثير، وصفحات الجرائد، وشاشات الوطن. إنها معركة سردٍ ومعنى، حيث ينتصر من يملك القدرة على أن يروي قصته للعالم بثقةٍ وبلاغةٍ وشرعية. والمغرب اليوم، بدبلوماسيته الملكية الحكيمة وإعلامه الواعي، لا يكتفي بأن يكون صاحب قضية، بل صار صانع روايةٍ وصوتٍ للحقيقة في زمنٍ تتشوش فيه الأصوات وتُختبر فيه المواقف.

 

الإعلام المغربي لم يعد مرآةً لما يحدث، بل أصبح مرجعاً لما يجب أن يُقال، ومحرّكاً للرأي العام نحو الوعي، وجسراً يربط بين الدولة والمجتمع. إنه اليوم سلاحٌ ناعم بحدّ الحقيقة، ودرعٌ وطني يواجه العواصف بالثقة لا بالصخب، وبالتحليل لا بالانفعال. وفي تجربة مدينة إف إم، كما في مواقف الإعلام المغربي المسؤول، تتجلى إرادة أمةٍ تعرف أن الكلمة قد لا تحرر أرضاً، لكنها تحمي وطناً بأكمله من محاولات النسيان والتشويه.

 

ذلك هو الإعلام الذي نحتاجه في معارك المستقبل: إعلام لا يُصفّق، بل يُقنع. لا يتبع، بل يقود. لا يرفع الشعارات، بل يبني الوعي. إعلامٌ يجعل من الحقيقة فعلاً سيادياً، ومن الانتماء التزاماً أخلاقياً، ومن الصوت الوطني وعداً متجدداً بأن المغرب، حين يتحدث، فإن العالم يصغي.

الاخبار العاجلة