اختُتِمت، الخميس، بالمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بالرباط، أشغال الندوة الإفريقية حول “منظومات التربية والتكوين والبحث العلمي في إفريقيا: ديناميات التحول”، التي شارك فيها رؤساء وخبراء مؤسسات تربوية واستشارية من ثمانية عشر بلدا إفريقيا.
وكان اليوم الختامي قد شهد تنظيم مائدة مستديرة ناقش خلالها المشاركون آفاق التعاون والشراكة المستقبلية بين الهيئات الإفريقية المكلفة بالاستشراف والتوجيه وتقييم السياسات العمومية في قطاع التربية والتكوين. وقد أجمع الحاضرون على مواصلة التنسيق والعمل المشترك، واستكشاف صيغ جديدة للتعاون، بهدف إرساء شبكة إفريقية للتربية والتكوين.
وتم إسناد مهمة تنسيق التحضيرات الخاصة بالإعلان الرسمي عن هذه الشبكة للسيدة رحمة بورقية، رئيسة المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بالمغرب، كما جرى تضمين هذا القرار ضمن “إعلان النوايا” الذي صدر عقب المائدة، والرامي إلى إحداث آلية قارية لتبادل التجارب والممارسات الفضلى في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي.
وكانت السيدة رحمة بورقية قد أكدت، في كلمتها الافتتاحية، أن انعقاد الندوة عكس تنامي الوعي الإفريقي بأهمية التحكم في مسار التربية باعتبارها رافعة أساسية للتحوّل المجتمعي. وشددت على أن جودة التربية تُعد ضمانة لتحقيق التنمية والرفاه المستقبلي، داعية إلى تجديد الرؤية التربوية الإفريقية بما ينسجم مع التحولات الجيوسياسية والرقمية والاجتماعية المتسارعة، معتبرة أن “تحقيق تحول حقيقي في إفريقيا لم يكن ليتحقق دون جعل التربية محركه الرئيسي”.
كما كانت الندوة، التي امتدت على مدى يومي 12 و13 نونبر، قد شهدت نقاشات معمقة حول تحديات إصلاح المنظومات التعليمية في إفريقيا، في ظل التحولات العالمية المرتبطة بالتغير المناخي، والثورة الرقمية والذكاء الاصطناعي، والتحديات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية.
وأجمع المشاركون خلال الجلسات الثلاث على ضرورة إعادة التفكير في منظومات التربية من خلال ضمان تعليم إلزامي منصف وذي جودة، وتعزيز الكفايات العرضانية، وتطوير ممرات بين التعليم العام والتقني والمهني، وتحسين جودة التعلمات، والارتقاء بتكوين الأطر التربوية والإدارية، وتطوير آليات التقييم والقيادة، بالإضافة إلى دعم البحث العلمي والابتكار وتوجيههما لخدمة التنمية.
وأسفرت الندوة عن مجموعة من التوصيات، أبرزها تجديد الرؤية التربوية في إفريقيا بما يواكب التحولات الراهنة، وتعزيز الاستثمار في البحث العلمي والتعليم التقني والمهني، وإرساء حكامة تربوية ناجعة قائمة على التقييم والمتابعة، وضمان استمرارية الإصلاحات بمنأى عن التغيرات السياسية. كما دعا المشاركون إلى جعل المدرسة رافعة للتنمية الاجتماعية، وتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، واعتماد نماذج جديدة للتعلم تستجيب لتطلعات المستقبل في أفق 2034 و2063.
وقد شكلت هذه الندوة محطة بارزة في مسار تعزيز الدينامية الإفريقية المشتركة في مجالات التربية والتكوين، ورسخت الدور الريادي للمغرب في دعم المبادرات القارية الهادفة إلى الارتقاء بالمدرسة وضمان استدامة الإصلاحات.







































