دعا لتوثيق شامل للمقامات الشرقية الصوتية خلال عامين.. تركي آل الشيخ يترأس مؤتمر الموسيقى العربية في الرياض

القضية بريس30 نوفمبر 2025آخر تحديث : منذ 5 أيام
القضية بريس
دولي‎
دعا لتوثيق شامل للمقامات الشرقية الصوتية خلال عامين.. تركي آل الشيخ يترأس مؤتمر الموسيقى العربية في الرياض

ترأس المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه، مؤتمر الموسيقى العربية المنعقد اليوم (السبت 29 نونبر 2025) في العاصمة السعودية الرياض، مؤكداً أن فكرة تنظيم هذا المؤتمر جاءت استجابة لحاجة فنية وبحثية ملحة على مستوى العالم العربي، باعتباره منصة علمية تسهم في دراسة الأنماط الموسيقية وتوثيق المقامات والإيقاعات واستكشاف سبل تطويرها، في إطار الدور الذي تضطلع به المملكة في دعم الفنون وتعزيز حضورها الإقليمي والدولي. ودعا معاليه إلى ضرورة استكمال عمليات توثيق المقامات الشرقية الصوتية خلال العامين المقبلين، مع الإشارة إلى أهمية أن يمتد هذا التوثيق ليشمل المقامات الشرقية في إيران، لما لذلك من أثر في إثراء المحتوى الموسيقي العربي والشرقي وتعزيز شمولية العمل.

 

وفي مستهل كلمته، رفع تركي آل الشيخ أسمى آيات الشكر والامتنان لمقام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، حفظه الله، ولسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، قائد المسيرة وعرّاب الرؤية، على ما يقدمانه من دعم كبير ومُستمر لقطاعي الترفيه والثقافة، وعلى الحرص الذي يوليه سمو ولي العهد لصناعة المعرفة وتطوير المنظومة الفنية والثقافية في المملكة. كما عبّر معاليه عن شكره لصاحب السمو الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة، تقديراً لما يبذله من جهود كبيرة في تطوير القطاع الثقافي ودعمه للمبادرات التي تسهم في تعزيز الهوية السعودية وتوفير فضاءاتٍ رحبة للإبداع بمختلف أشكاله.

 

وأكد آل الشيخ خلال كلمته على أهمية تحقيق تكامل وتنسيق كامل بين مختلف الجهات المعنية بالمجال الموسيقي، لضمان توثيق المقامات الشرقية بالصوت والصورة وفق منهجية علمية موحدة، مع الاستفادة من الإمكانات التقنية المتقدمة التي يوفرها “استديو مرواس” لدعم تنفيذ هذا المشروع الطموح. وشدد على ضرورة العمل على إيجاد مقر مخصص لتعليم الموسيقى يكون مؤهلاً لاستيعاب الاحتياجات الأكاديمية، ويسهم في تدريب الأجيال القادمة وتأهيلها علمياً وعملياً، موضحاً أن الهدف النهائي من المشروع هو أن تصل مخرجاته ونتائجه إلى جميع المعاهد الموسيقية حول العالم، بما يعزز من مكانة الموسيقى العربية ويجعلها جزءاً من المراجع الأكاديمية الدولية المعتمدة.

 

وأشار المستشار تركي آل الشيخ إلى أهمية التكامل العربي في هذا المجال، مؤكداً أن “الرياض وجميع العواصم العربية هي عواصم للفن”، وأن التعاون بين الدول العربية يشكل الركيزة الأساسية لإنجاح هذه المشاريع المشتركة. كما توجه بالشكر إلى فنان العرب محمد عبده، مبرزاً أن الفرقة الموسيقية المصاحبة له تضم نسبة 50 في المئة من العازفين السعوديين، وهو ما وصفه بإنجاز يعكس التطور الملحوظ في الكفاءات الفنية الوطنية.

IMG 20251130 WA0028 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

وأوضح أن المؤتمر يُعد خطوة علمية مهمة لحفظ التراث الموسيقي العربي وربط الأجيال ببعضها، من خلال جمع الباحثين والخبراء تحت سقف واحد، بما يثري هذا المجال ويعزّز العمل العلمي المشترك في توثيق الهوية الموسيقية العربية. وعبّر عن شكره وتقديره لجميع المشاركين في هذا الحدث العلمي والفني، مشيراً إلى أن حضورهم يعكس اهتماماً مشتركاً بتطوير هذا القطاع وتعزيز الجهود البحثية العربية في الموسيقى.

 

وبيّن معاليه أن الهدف الأساسي من المؤتمر هو الخروج بنتائج عملية تخدم الباحثين، وتساهم في حفظ التراث الموسيقي العربي، وتفتح آفاقاً أوسع للعمل المشترك بين الدول العربية، بما يدعم الدراسات المتخصصة ويوسع نطاق التعاون في مجالات التوثيق والتطوير الموسيقي. كما أكد أهمية التكامل بين القطاعات داخل المملكة، موضحاً أن هذا العمل لا تقوم به جهة واحدة، بل يعتمد على شراكات وتنسيق بين مختلف المؤسسات، بما يسهم في تعزيز قوة المخرجات وعمقها، مشيراً إلى أن التجارب السابقة أثبتت أن المشاريع الكبرى لا يمكن أن تتحقق إلا بتكاتف الجهود وتكامل الأدوار.

 

وأضاف أن انعقاد هذا المؤتمر يشكل نموذجاً واضحاً للتكامل المؤسسي، حيث أتاح التعاون بين وزارة الثقافة والهيئة العامة للترفيه فرصة لتوسيع آفاق العمل وإنجاز مشاريع علمية مشتركة، بما يعزز حضور المملكة في المجالات الثقافية والموسيقية على المستويين الإقليمي والدولي. وفي ختام كلمته، أكد آل الشيخ أنه استمع بعناية إلى التوصيات والملاحظات التي قدمها رؤساء اللجان المشاركة من مختلف الدول، مشدداً على أن جميع هذه التوصيات ستكون محل متابعة ودراسة دقيقة بما يحقق الأهداف المشتركة ويدعم التعاون العربي في مجال التوثيق الموسيقي، موجهاً شكره للجان والباحثين والمختصين، ومؤكداً دعمه لجهودهم في المراحل المقبلة.

 

وعقب ثمانية أشهر من العمل المتواصل، الذي تولّته لجان متخصصة من مختلف الدول العربية، إلى جانب تركيا، انتهى المؤتمر إلى مجموعة شاملة من التوصيات الهادفة إلى صون التراث الموسيقي العربي وتطويره، وتعزيز الجهود البحثية والتوثيقية في هذا القطاع. وصدرت هذه التوصيات وفق رؤية موسيقية موحدة تستشرف مستقبلاً أكثر تطوراً للمقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية العربية، وتدعو إلى اعتماد مخرجات علمية متماسكة تعزز حضور الموسيقى العربية على المستوى العالمي.

 

وأكدت التوصيات أهمية تنفيذ مشروع عربي متكامل لتوثيق المقامات والإيقاعات والآلات الموسيقية وفق منهجيات علمية دقيقة تشمل التدوين والتحليل والمسح الميداني والرجوع إلى المصادر التاريخية، إلى جانب حفظ التراث الشفهي وإعادة تسجيل النماذج النغمية القديمة والحديثة، بما يُمكّن من تأسيس مرجع عربي موثّق يكون نقطة انطلاق للأجيال القادمة من الباحثين والممارسين.

 

وشدد المؤتمر كذلك على ضرورة إنشاء منظومات رقمية حديثة تشمل مكتبات إلكترونية مفتوحة ومنصات تعليمية تفاعلية متخصصة في المقامات والإيقاعات، إلى جانب تطبيقات عبر الهواتف الذكية تتيح الوصول السهل إلى المحتوى المكتوب والمسموع والمرئي. كما أوصى بتسجيل الأعمال الموسيقية والتقليدية بجودة عالية في الصورتين الصوتية والبصرية، لضمان توفير نماذج مرجعية دقيقة للدارسين والمهتمين.

 

وتضمنت التوصيات أيضاً إطلاق أكاديمية عربية عليا للعلوم والفنون الموسيقية، كأول مؤسسة بحثية وتعليمية متخصصة في دراسة الموسيقى العربية وتطوير المناهج الأكاديمية، مع دعم الدراسات المقامية والإيقاعية وتشجيع الباحثين الشباب، بما يسهم في تعزيز ارتباط الموسيقى العربية بالمعايير العلمية الحديثة مع الحفاظ على خصوصيتها الأصيلة. كما دعا المؤتمر إلى إدراج التراث الموسيقي العربي بمختلف مدارسه وتنوعه في المناهج التعليمية، وتضمين الطبوع والإيقاعات والآلات المحلية في برامج التعليم الموسيقي بالمدارس والمعاهد ومراكز التدريب، بما يعزز وعي الأجيال الصاعدة بهذا الإرث الثقافي الغني.

 

وأوصى كذلك بتنظيم مسابقة عربية سنوية تُخصص لأفضل بحث أو كتاب في الفكر الموسيقي، مع تكريم الشخصيات التي كان لها دور في خدمة الموسيقى العربية والبحث العلمي، وتشجيع تحقيق المخطوطات الموسيقية ودراسة الصيغ الغنائية والقوالب التراثية وطرق الأداء. كما دعا إلى توسيع جهود تسجيل الأعمال الموسيقية النادرة في مختلف الدول العربية، وإنشاء أرشيف موسيقي يشمل التسجيلات التاريخية والمواد الوثائقية المهددة بالاندثار، بهدف حفظها وإتاحتها أمام الباحثين.

IMG 20251130 WA0027 - أول جريدة إلكترونية مغربية تتجدد على مدار الساعة

وأكد المؤتمر أهمية مراجعة الأعمال التوثيقية المنجزة بشكل دوري، بهدف تصحيح النقائص والارتقاء بمستوى الأداء العلمي، إلى جانب تشجيع تبادل الخبرات بين الدول العربية وضمان استمرار دعم المشاريع البحثية والموسيقية المشتركة. وبهذه التوصيات، يؤسس مؤتمر الموسيقى العربية المنعقد في الرياض لرؤية جديدة تتعامل مع التراث الموسيقي العربي باعتباره مشروعاً علمياً وثقافياً مستداماً، يقوم على التوثيق الدقيق والتطوير المؤسسي والتعليم والبحث والتحول الرقمي، بما يتيح للموسيقى العربية مواصلة حضورها المتجدد واستعادة موقعها الريادي في الساحة العالمية.

 

ويأتي هذا المؤتمر كأول تجمع علمي موسيقي شامل يجمع بين الهوية العربية والمنهج الأكاديمي، مستهدفاً بناء مرجع عربي موحد للمقامات والإيقاعات وتوثيق الفنون الموسيقية وفق أساليب بحثية حديثة تعزز من حضور الموسيقى العربية في إطار علمي متكامل. ويتولى معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ رئاسة أعمال المؤتمر، بينما تشرف اللجنة العليا برئاسة الموسيقار الدكتور بسام بن غازي البلوشي على الجوانب التنظيمية والعلمية، بمشاركة نخبة من كبار الأكاديميين والباحثين العرب، إلى جانب لجان تمثل جميع الدول العربية، بما يعكس شمولية الحضور واتساع نطاق العمل البحثي.

 

ويرتكز المؤتمر على منهجية بحثية موسعة تعتمد على زيارات ميدانية بهدف جمع الأداءات الموسيقية من مصادرها الشعبية وتوثيقها صوتياً ونوتياً ضمن أرشيف موحد، إضافة إلى مراجعة وتحديث المفاهيم والمصطلحات التاريخية التي وردت في مؤتمر القاهرة 1932، بما يضمن مواءمتها مع متطلبات البحث العلمي المعاصر. وقد لعبت اللجنة السعودية دوراً محورياً في هذا المشروع من خلال توثيق الفنون الموسيقية المحلية في مختلف مناطق المملكة، حيث أثمرت هذه الجهود عن تسجيل 14 مقاماً حجازياً وأكثر من 160 إيقاعاً سعودياً جُمعت من مصادرها الميدانية، في خطوة تعكس ثراء الإرث الموسيقي الوطني وتنوعه الكبير، وتؤكد أهمية الحفاظ عليه ضمن إطار علمي موثّق.

الاخبار العاجلة