في خطاب سامٍ إلى الأمة مساء الثلاثاء 29 يوليوز، بمناسبة الذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالة الملك محمد السادس على عرش أسلافه المنعمين، وجّه جلالته رسائل سياسية واضحة ومباشرة، تمحورت حول قضايا استراتيجية وطنية وإقليمية، وفي مقدمتها قضية الصحراء المغربية والعلاقات المغربية الجزائرية.
وقد تميز الخطاب الملكي، كعادته، بنبرة هادئة وحازمة في الآن ذاته، جمعت بين التشبث بالثوابت الوطنية والانفتاح على المستقبل، من خلال تجديد التأكيد على سياسة اليد الممدودة تجاه الجارة الجزائر، والدعوة إلى فتح صفحة جديدة من العلاقات الثنائية، تقوم على الثقة والاحترام المتبادل، وتجاوز حالة الجمود التي تطبع العلاقات بين البلدين منذ سنوات.
في هذا السياق، أكد الدكتور الموساوي العجلاوي، الخبير في العلاقات الدولية والباحث في مركز إفريقيا والشرق الأوسط للدراسات، أن الخطاب الملكي حمل “إشارات قوية ومباشرة”، وجدد الدعوة للجزائر من أجل طي صفحة الخلافات، مشيرًا إلى أن هذه الدعوة جاءت في سياق سياسي ودبلوماسي يعزز الموقف المغربي، خاصة بعد الاعترافات الدولية المتزايدة بمبادرة الحكم الذاتي، كان آخرها من المملكة المتحدة والبرتغال.
وأشار العجلاوي إلى أن جلالة الملك خاطب الشعب الجزائري وقيادته بصفة “الأشقاء”، وهو تعبير ذو بعد رمزي عميق، يترجم رغبة المغرب الصادقة في تجاوز الخلافات التاريخية وبناء مستقبل مغاربي مشترك.
وأضاف أن الربط بين “سياسة اليد الممدودة” و”الدعم الدولي المتزايد” لمبادرة الحكم الذاتي يمثل رسالة مزدوجة: دعوة صريحة للتعاون، وتذكير بالمكاسب السياسية والدبلوماسية التي راكمها المغرب في السنوات الأخيرة، وهي رسائل تضع الأطراف المعنية أمام مسؤولياتها التاريخية، وتُحذر من تضييع فرصة ثمينة لبناء شراكة مغاربية متوازنة ومستقرة.
داخليًا، ركّز الخطاب الملكي على مواصلة مسار الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، من خلال تسريع وتيرة الاستثمار، وتثمين الرأسمال البشري، وتعزيز شبكات الحماية الاجتماعية للفئات الهشة، في إطار رؤية شاملة للتنمية المستدامة.
ويأتي هذا الخطاب في لحظة مفصلية إقليميًا ودوليًا، حيث يواصل المغرب ترسيخ حضوره كقوة إقليمية وازنة، تنشد الاستقرار والتكامل، وتدعو إلى حلول واقعية مبنية على التعاون، بدل الصراع.







































