توعدت المعارضة في جنوب إفريقيا، أمام مؤيديها، بالإطاحة بحزب المؤتمر الوطني الإفريقي في الانتخابات التشريعية، المقررة يوم الأربعاء المقبل، التي قد تشهد انتكاسة غير مسبوقة للحزب الحاكم منذ نهاية نظام الفصل العنصري قبل ثلاثين عاما.
وفي ملعب في بينوني يتسع لـ 20 ألف شخص، بالقرب من جوهانسبرغ، جمع أكبر حزب معارض، التحالف الديمقراطي، مؤيديه.
وارتدى المؤيدون قمصانا ورفعوا أعلاما تحمل شعار “إنقاذ جنوب إفريقيا”.
ويقود هذا الحزب ائتلافا يضم حوالي عشر حركات سياسية صغيرة أخرى، ويدعو إلى إصلاحات ليبرالية، مثل خصخصة القطاع العام؛ وقد حصل على حوالي 25 بالمائة من نوايا التصويت في استطلاعات الرأي.
ويقود جون ستينهويزن (48 عامًا) الحزب الذي مازال يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه حركة بيضاء، بينما يكافح من أجل توسيع قاعدته.
وقال ستينهاوزن أمام الحشود: “الأربعاء سيخسر حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الغالبية التي أساء استغلالها لعقود، الغالبية التي استخدمها لإغراق هذا البلد في البطالة والفساد وسوء الإدارة”، وتابع: “سننهي الأربعاء حكم المؤتمر الوطني الإفريقي، وسيُفتح فصل جديد في البلاد”.
وتسعى أحزاب المعارضة التي توعد كل منها بإسقاط حزب المؤتمر الوطني الإفريقي إلى حشد أكبر قدر ممكن من الدعم في صفوف حوالي 27,6 مليون ناخب مسجل.
ويختار الناخبون في جنوب إفريقيا نوابهم الأربعمائة، ثم يختار النواب الرئيس المقبل. ويتنافس نحو خمسين حزبا في الانتخابات.
وأكد عدد من مؤيدي أكبر حزب معارض لوكالة فرانس برس أنهم يريدون “التغيير”.
وقالت آن آدامز لوكالة فرانس برس، وهي خبازة تبلغ 69 عاما، “أنا هنا حتى يحظى أحفادي وأحفاد أحفادي بمستقبل أفضل”.
وقالت ماريا تشويني (42 عاماً)، وهي أم لثلاثة أطفال وعاطلة عن العمل: “أريد أن تتغيّر الأمور، لقد سئمت الأكاذيب” بعد ثلاثين عاماً من حكم حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.
وفي اليوم نفسه دعا حزب الرئيس السابق جاكوب زوما (2009-2018) المثير للجدل أنصاره إلى استعراض للقوة في إقليم مبومالانغا الريفي (شرق)، المعقل التقليدي لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي.
ويتزعّم زوما حزب “أومكونتو فيسيزوي”، ومازال يحاكم بتهم فساد.
وشكّل زوما (82 عاما) مفاجأة بحصد ما بين 10 و14 بالمائة من نوايا التصويت؛ لكن ترشحّه أبطل بسبب حكم صدر في حقّه عام 2021، إلا أن صورته ستكون مدرجة في البطاقات الانتخابية التي طبعت قبل صدور القرار.
وقال الرئيس السابق: “سنأخذ البلاد من خلال الفوز بأغلبية الثلثين ونحولها إلى شيء أفضل”.
وفي خطاب للأمة بثه التلفزيون، مساء الأحد، سلط رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامابوزا الضوء مرة جديدة على إنجازات حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، والتقدم الذي أُحرز في مجالات التعليم ومكافحة العنف ضد النساء والفساد، منذ نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
فشل بارز
كان الرئيس سيريل رامابوزا تحدّث، السبت، في خطاب مطوّل أمام عشرات الآلاف من مناصري حزب المؤتمر الإفريقي الحاكم، المحتشدين في إستاد ضخم في جوهانسبرغ، عن التقدم المحرز منذ نهاية الفصل العنصري في البلاد البالغ عدد سكانها 62 مليون نسمة.
وقال رامابوزا (71 عاما): “سنعمل أكثر وعلى نحو أفضل”.
ويسعى الرئيس الحالي إلى الفوز بولاية ثانية، وأكد أن فوز حزبه أمر حتمي.
لكن وفقا لأحدث استطلاعات الرأي فإن حزب المؤتمر الإفريقي يواجه خطر فقدان أغلبيته البرلمانية لأول مرة في تاريخه، إذ تفيد بأنه سيحصل على ما بين 40 و46 بالمائة من نوايا التصويت، ما من شأنه أن يجبره على تشكيل تحالفات للبقاء في السلطة، لأن البرلمان المنتخب هو الهيئة التي ستختار الرئيس المقبل.
وينقسم العديد من الناخبين بين الوفاء لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي الذي حرر البلاد من الفصل العنصري وبين خيبات متزايدة تعززها الحياة اليومية التي تشهد بطالة ونقصا في المياه والكهرباء، ما يجعل ناخبين يتراجعون عن دعم الحزب الحاكم.
كما أدى تزايد قضايا فساد اتهمت شخصيات من الحزب الحاكم بالتورط فيها إلى زعزعة ثقة الناخبين بشدة.
وقال إسحق تيمبو (66 عاما) وهو رجل عاطل عن العمل ويبلغ 66 عاما ومؤيد للحزب الديمقراطي الأحد: “الحب الذي لا ينجح يجب أن ينتهي. حصل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على فرصته وفشل”.
وفي حال حصول الحزب الحاكم على أقل من 50 بالمائة من الأصوات فسوف يضطر إلى تشكيل تحالفات.
ويتوقع خبراء أن تجرى مفاوضات حاسمة في الأيام التالية للتصويت بشأن تشكيل حكومة ائتلافية مقبلة.