الفلاحة.. قطاع في صلب الأولويات الملكية

القضية بريس20 يوليو 2023آخر تحديث : منذ سنة واحدة
القضية بريس
اقتصاد
الفلاحة.. قطاع في صلب الأولويات الملكية

احتل قطاع الفلاحة بمختلف فروعه وكذا سكان العالم القروي، مكانة مركزية ضمن سياسات التنمية الهيكلية التي أطلقها المغرب تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. فمنذ اعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين، شكلت الفلاحة محور مجموعة واسعة من الإصلاحات التي مكنت من عصرنة القطاع، وتعزيز جاذبيته وتطوير تنافسيته، مما جعل من المغرب فاعلا بارزا في السعي العالمي لتحقيق السيادة الغذائية.

وأولت المملكة في مرحلة مبكرة جدا، من خلال مختلف استراتيجياتها واستثماراتها، اهتماما بالغا بإدراج صناعتها الفلاحية ضمن إطار مقاربة للاستدامة عبر اعتماد التكنولوجيات الحديثة التي من شأنها المواءمة بين ترشيد الموارد المائية ومستوى المردودية.

ومن هذا المنطلق الاستباقي والاستشرافي، تندرج استراتيجية “الجيل الأخضر 2020 ـ 2030” التي أطلقها جلالة الملك والتي تستند إلى التوجيهات السامية المتضمنة في خطاب جلالة الملك بتاريخ 12 أكتوبر 2018.

وتتمحور خارطة الطريق الجديدة لتنمية العالم القروي، التي تعتبر ثمرة لمجموع مكتسبات “مخطط المغرب الأخضر” الذي تم تنفيذه بين سنتي 2008 و2018، حول دعامتين رئيسيتين ألا وهما: الأولوية للعنصر البشري واستدامة التنمية الفلاحية.

فبخصوص الدعامة الأولى، تستهدف الرؤية الجديدة للقطاع الفلاحي “الجيل الأخضر” تحسين ظروف العيش والاستقرار في العالم القروي، وتحفيز التشغيل، خصوصا بالنسبة للشباب، والعمل على انبثاق طبقة فلاحية متوسطة.

وفي إطار خلق مناصب الشغل والتكوين والإدماج المهني، تتوخى استراتيجية “الجيل الأخضر” تمكين نحو 180 ألف فلاح شاب من إطلاق أنشطتهم المدرة للدخل.

كما تم إرساء جيل جديد من آليات المواكبة لدعم خلق 170 ألف منصب شغل في مجال الخدمات الفلاحية والتحويلية.

وعلى مستوى التكوين، من المرتقب أن يحظى 150 ألف خريج بتكوين في إطار استراتيجية “الجيل الأخضر”، من بينهم 10 آلاف في التعليم العالي، و140 ألف تقني على صعيد مدن المهن والكفاءات التي أعطى جلالة الملك انطلاقتها.

ومن منطلق القناعة الراسخة بأن العنصر البشري شرط لا غنى عنه لمواصلة عصرنة القطاع، تطمح هذه الرؤية إلى بروز جيل جديد من التنظيمات السوسيو ـ اقتصادية للفلاحين.

وهكذا، سيتم التركيز على هيكلة الفلاحين وتجميعهم حول تنظيمات فلاحية ناجعة، بغية تحقيق نسبة تجميع تصل إلى 25 في المائة من الفاعلين الذين سيؤمنون التدبير المباشر لما نسبته 30 في المائة من الميزانية العامة المخصصة للمهنة.

ويبقى تنزيل هذه الأهداف الطموحة رهينا بإطار قانوني وحكامة فعالة لتنظيم الاستشارة الفلاحية، حيث يرتقب أن يرتفع عددهم إلى خمسة آلاف.

وعلاوة على ذلك، فإن رقمنة القطاع تفرض نفسها كمحور مهم ضمن استراتيجية “الجيل الأخضر” وكرافعة للمواكبة، لاسيما مواكبة الشباب بالوسط القروي، بهدف تحقيق ولوج مليوني فلاح للخدمات الإلكترونية.

وإلى جانب بعدها الاجتماعي والاقتصادي، فمن المقرر أن يستفيد 3,3 مليون فلاح وعامل فلاحي من الحماية الاجتماعية في أفق سنة 2030، مقابل 1,4 مليون فلاح حاليا، وذلك بالموازاة مع ورش تعميم الحماية الاجتماعية.

وينضاف إلى مجموع هذه التدابير الاستباقية، تقليص الفارق ما بين الحد الأدنى للأجر بالقطاع الفلاحي ونظيره بباقي القطاعات في أفق 2030، فضلا عن تحسين ظروف عمل الأجراء الفلاحيين.

كما أن هذه الرؤية الشمولية التي تبناها المغرب للنهوض بعالمه القروي تمر بالضرورة عبر تحويل النظم الغذائية بهدف ضمان استدامة التنمية الفلاحية، التي تعد ثاني أهداف استراتيجية “الجيل الأخضر”.

وبغية الاستجابة لهذا التحدي، أرست استراتيجية “الجيل الأخضر” جملة من الحلول لتنمية الفروع الفلاحية، وضمان استدامتها.

ويروم هذا المحور، الذي يأتي استكمالا لجهود التنمية البشرية، نهج آليات اقتصادية، على مستوى عموم سلسلة قيمة القطاع.

وفي إطار النهوض بمختلف الفروع الفلاحية، تتوخى هذه الاستراتيجية الإبقاء على جهود الاستثمار وترشيد التحفيزات، وتستهدف مضاعفة الناتج الداخلي الخام الفلاحي ليبلغ ما بين 200 و 250 مليار درهم في أفق سنة 2030.

وستتم مواكبة هذه الجهود بإجراءات لدعم تنافسية الصادرات، حيث يرتقب مضاعفة قيمة الصادرات المغربية لتصل إلى ما بين 50 و 60 مليار درهم.

وعلى المستوى المحلي، تلتزم الاستراتيجية بإصلاح أسواق البيع بالجملة، وإعادة تأهيل الأسواق، وتعزيز قنوات التوزيع ومنصات التخزين بغرض التوفر على سلاسل توزيع عصرية وفعالة، يستفيد منها الفلاحون والمستهلكون النهائيون على حد سواء.

وفضلا عن كل ما سبق، فإن الجودة والابتكار والتكنولوجيا الخضراء تحظى بأهمية كبيرة، إذ تطمح استراتيجية “الجيل الأخضر” إلى إدراج المغرب بصورة نهائية ضمن المعايير الدولية في مجال التوجهات الفلاحية والتكنولوجيات الحديثة.
ويعتزم المغرب، بصفته فاعلا منخرطا بشكل كامل في الجهود الدولية للتنمية المستدامة، تعزيز قدرته على الصمود في مواجهة التقلبات المناخية من خلال استراتيجياته الرامية لتحقيق النجاعة المائية والطاقية بهدف الحفاظ على الموارد الطبيعية.

المصدرو.ع.م
الاخبار العاجلة